تصدر اتفاق حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة مع جهاز الردع، واجهة الأحداث في ليبيا، وسط تساؤلات حول قدرة الحكومة على فرض السيطرة الأمنية في طرابلس والمنطقة الغربية.
وفي اليوم الثاني من تنفيذ الاتفاق، برزت المخاوف من أن يكون الاتفاق مجرد “هدنة هشّة” لا تغيّر كثيراً في موازين القوى، خصوصاً في ظل استمرار الانقسام السياسي والحكومي في البلاد.
وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، علي التكبالي، إن الاتفاق يمثل “مكسباً لسكان العاصمة” بعد أشهر من المعاناة والخوف من اندلاع مواجهات مسلحة، منتقداً محاولات بعض الأطراف الموالية لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية تصوير الاتفاق على أنه “إذعان من الردع لشروط الدبيبة”.
وأضاف التكبالي أن الوسطاء المقربين من الدبيبة تدخلوا لتسهيل عقد الاتفاق، بعد فشل محاولاته في توجيه ضربات لمقرات الردع في قاعدة معيتيقة، التي تتواجد فيها قوات تركية بالقرب من منطقة سوق الجمعة، الحاضنة الاجتماعية للجهاز.
ووفقاً لما ورد، قبل الردع تسليم المطار المدني بقاعدة معيتيقة إلى قوة محايدة تخضع للمجلس الرئاسي، بينما كان الدبيبة يسعى لحل الجهاز وتجريده من السلاح وإخراجه من القاعدة.
وأوضح التكبالي أن الدبيبة حصل على “أقل مما كان يطمح إليه”، وكان هدفه تعزيز نفوذه السياسي والأمني داخل طرابلس لا فرض سلطة الدولة فقط، تمهيداً لاستخدام ذلك كورقة تفاوضية في أي تسوية سياسية مستقبلية.
ومن جانبه، اعتبر عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء أن اعتماد الدبيبة المستمر على التشكيلات المسلحة يضعف قدرته على فرض السيطرة الأمنية أو العسكرية الفعلية على العاصمة، محذراً من احتمال انقلاب هذه التشكيلات عليه إذا لم يستجب لشروطها، لافتاً إلى أن غياب “جيش وطني” في الغرب الليبي يترك الباب مفتوحاً لعودة الصدام في أي لحظة.
وفي المقابل، رحّب قطاعات واسعة من الليبيين بالاتفاق، فيما نشرت أصوات مؤيدة للوحدة الوطنية منتهية الولاية مقاطع مصورة توثق دخول قوة “حماية المطار” إلى قاعدة معيتيقة، مؤكدين أن ذلك يمثل بداية تنفيذ بنود الاتفاق.
وأشاد الناشط السياسي جلال القبي بسير العملية “بشكل سلمي ومن دون دماء”، مؤكداً موافقة الردع على تنفيذ شروط الدبيبة كاملة.
وفيما رأى المحلل السياسي صلاح البكوش أن الاتفاق “يصب في مصلحة حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية بدرجة ما، لكنه يمكّن الردع من تجنب حرب غير متوقعة النتائج”، موضحاً أن قاعدة الردع الشعبية في سوق الجمعة قد لا تصمد في حال اندلاع مواجهة مفتوحة، بينما تبقى الكفة لصالح قوات وزارة الدفاع المدعومة من مدن مصراتة والزاوية من حيث العدد والتسليح.
ويذكر أن الدبيبة نجح منذ توليه السلطة في مارس 2021 في إعادة رسم خريطة القوى المسلحة بالعاصمة، عبر تحييد أو إزاحة مجموعات مسلحة نافذة، آخرها “جهاز دعم الاستقرار” بعد مقتل رئيسه عبد الغني الككلي، فضلاً عن إطاحته بالمحافظ السابق للمصرف المركزي، الصديق الكبير.
وأكد البكوش أن الاتفاق الأخير يعزز شرعية حكومة الدبيبة ونفوذها، ويقطع الطريق أمام خصومه في الشرق للتدخل في شؤون طرابلس.
وتظل ليبيا منقسمة بين حكومتين: الوحدة الوطنية منتهية الولاية في طرابلس غرب البلاد، وأخرى بقيادة أسامة حماد، مدعومة من الجيش الوطني، في الشرق وبعض مدن الجنوب.
أكثر من 24 ألف ليبي تقدموا بطلب تأشيرة “شنغن”
