يتصاعد القلق داخل الأوساط الحقوقية المغربية مع اتساع رقعة حملات التشهير الرقمية التي تستهدف شخصيات عامة وفاعلات في المجال السياسي والحقوقي والصحافي، في ظاهرة وصفتها منظمات مدنية بأنها “منهجية ومتعمدة” وتهدد الركائز الأساسية للمشاركة الديمقراطية وحرية التعبير في البلاد.
وأصدرت دينامية إعلان الرباط، وهي شبكة واسعة تضم آلاف الجمعيات والمنظمات الحقوقية، بيانا حذرت فيه من أن الهجمات الإلكترونية التي طالت المدافعين عن حقوق الإنسان والنساء المنخرطات في العمل العام والصحافيين المستقلين تحولت إلى “أداة منظمة لإسكات الأصوات المنتقدة”، مشيرة إلى أن تواتر هذه الممارسات وضع المغرب تحت مجهر الهيئات الأممية والإقليمية المتابعة للحريات الرقمية.
وأكدت الشبكة أن وتيرة التشهير عبر المنصات الرقمية أصبحت “مقلقة بشكل غير مسبوق”، وأن الاستهداف بات يطال فئات محددة تشمل المدافعات والمدافعين عن الحقوق المدنية، والناشطات في قضايا المساواة، والصحافيين الذين يتبنون خطا تحريريا نقديا، إضافة إلى شخصيات سياسية معروفة بمواقفها المستقلة.
وبحسب التنظيم الحقوقي، فإن هذا النوع من الحملات لا يمس فقط الأفراد المستهدفين مباشرة، بل يهدد التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، لاسيما تلك المرتبطة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما حذر من أن استمرار هذه الانتهاكات قد يؤثر على تصنيف البلاد في مؤشرات حرية الصحافة وحقوق المرأة وشفافية الفضاء الرقمي.
وأشار البيان إلى أن الظاهرة أصبحت موضع اهتمام متزايد من قبل آليات الأمم المتحدة، بما في ذلك المقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير والمقرر الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، إلى جانب منظمات دولية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”مراسلون بلا حدود”، وهو ما يعكس، وفق البيان، تنامي المخاوف العالمية إزاء البيئة الرقمية في المغرب.
وطالبت دينامية إعلان الرباط السلطات القضائية باتخاذ خطوات عاجلة للتحقيق في حملات التشهير، وملاحقة المسؤولين عنها، وتوفير الحماية القانونية للضحايا، معتبرةً أن مكافحة الإفلات من العقاب خطوة ضرورية لاستعادة الثقة في الفضاء العام وضمان احترام التزامات المغرب الدولية.
كما دعت الشبكة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى إنشاء آلية وطنية لرصد الانتهاكات الرقمية، وإصدار تقارير دورية تُستخدم في التقييمات الدولية، مع التركيز على رصد العنف الرقمي ضد النساء باعتباره أحد أخطر أوجه الاستهداف المتنامية.
وشدد البيان على أن استمرار هذه الحملات لا يشكل مجرد اعتداءات فردية، بل يمثل “تهديدًا مباشرًا لمناخ الحريات في المغرب”، ومحاولة لتقييد النقاش العمومي عبر تكريس الخوف والضغط على النشطاء والصحافيين.
وختمت الشبكة بدعوة جميع الفاعلين، مؤسسات رسمية ومدنية، إلى اعتبار حماية الفضاء الرقمي جزءًا من مسؤولية جماعية تفرضها متطلبات الديمقراطية الحديثة.
هجوم سيبراني يتسبب بتسيرب بيانات 1.5 مليون مغربي
