05 يناير 2025

منذ اكتشافه في عام 1885 بمنطقة المتلوي بولاية قفصة، يمثل الفوسفات أحد أهم الموارد الاقتصادية لتونس، إلا أن إنتاج هذا المورد الحيوي شهد تراجعاً حاداً خلال السنوات الأخيرة، مما أثار جدلاً واسعاً حول أسبابه وتداعياته.

وتشير بيانات شركة فوسفات قفصة إلى أن الإنتاج تراجع من 8.1 مليون طن في عام 2010 إلى 2.9 مليون طن فقط في 2023، وفي النصف الأول من 2024، بلغ الإنتاج 1.8 مليون طن فقط.

ووفقاً لوزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة ثابت شيبوب، فإن إنتاج الفوسفات انخفض إلى أقل من 50% مما كان عليه في 2011.

وأكدت ريم هلال، سكرتيرة الجامعة العامة للمناجم، أن العمال لا يتحملون مسؤولية هذا التراجع، مشيرة إلى غياب الإضرابات أو الاحتجاجات التي قد تعيق الإنتاج.

وتساءلت هلال: “إذا كنا نعمل بالمعدات المتوفرة ولم نطالب بمطالب جديدة، فمن المسؤول عن هذا التراجع؟”.

وبدوره، أوضح رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن المشكلة تكمن في غياب إرادة سياسية حقيقية لتطوير القطاع، مضيفاً أن الشركة تعاني من فساد إداري ومحسوبية، ولم تُجرَ أي عمليات تدقيق أو إعادة هيكلة شاملة رغم الحاجة الملحة لذلك.

و يعاني أهالي منطقة الحوض المنجمي من تدهور أوضاعهم المعيشية، رغم وجود أكبر شركة وطنية لإنتاج الفوسفات في منطقتهم، ويشير الخبراء إلى أن غياب التنمية المتوازنة أدى إلى تفاقم مشكلات البنية التحتية والصحة والتعليم والمياه الصالحة للشرب.

وشدد بن عمر على أن تجاهل مطالب العمال والمجتمع المحلي أدى إلى الإضرار بالعاملين في القطاع، خاصة مع تراجع أجورهم مقارنة بما قبل الثورة، كما انتقد “الحلول المبتورة” التي تركز على إخراج الفوسفات بأي ثمن دون النظر في الأضرار البيئية والاجتماعية.

وتتطلب الحلول المطروحة رؤية وطنية متكاملة تشمل تحسين الإدارة، تطوير البنية التحتية، وتوجيه نسبة من عائدات الفوسفات لتنمية المناطق المنتجة.

ومع ذلك، يرى المتابعون أن المشهد السياسي الحالي في تونس يفتقر إلى هذه الرؤية، مما يجعل حل الأزمة بعيد المنال.

ويدعو الخبراء إلى اعتماد منوال اقتصادي جهوي ووطني متكامل يعيد إدماج منطقة الحوض المنجمي في الاقتصاد الوطني، مع التركيز على معالجة الأضرار البيئية وتحسين الخدمات الأساسية.

ويعكس استمرار أزمة الفوسفات في تونس تحديات أعمق تتعلق بالإدارة والحوكمة، ما يجعل هذا المورد الحيوي، الذي كان منقذاً للاقتصاد، ضحية للتقصير والإهمال.

ليبيا تشارك في مهرجان الإذاعة والتلفزيون العربي بعد غياب طويل

اقرأ المزيد