05 ديسمبر 2025

تحديث تقني بسيط أطلقته منصة “إكس” (تويتر سابقاً) كشف واحدة من أوسع شبكات التضليل التي استهدفت المغرب لسنوات، في حدث وصفه مراقبون بأنه “زلزال رقمي” غير مسبوق.

وأدى تمكين خاصية إظهار الموقع الجغرافي للحسابات إلى فضح مجموعات كبيرة من الحسابات الوهمية التي ظلت تنتحل الهوية المغربية وتقدّم نفسها كجزء من الرأي العام المحلي، بينما كانت تُدار فعلياً من خارج البلاد، وتحديداً من الجزائر.

ومع تفعيل هذه الخاصية، فوجئ مستخدمو المنصة بظهور مواقع عشرات الحسابات التي اعتادت مهاجمة الأوضاع في المغرب وتقديم نفسها كمواطنين ينحدرون من أحياء شعبية في الدار البيضاء أو طنجة أو فاس، لتظهر مواقعها الحقيقية في مدن جزائرية مثل وهران وعنابة وتيزي وزو، إضافة إلى حسابات مرتبطة بمخيمات تندوف، كما اتضح أن جزءاً من هذه الشبكات يمتد إلى دول في أوروبا الشرقية، ما يعكس وجود منظومة منظمة وممولة عابرة للحدود.

وسقطت بذلك رواية استمرت لسنوات، روّجت لفكرة أن هذه الحسابات تعبّر عن “حراك افتراضي داخلي”، إذ أثبتت البيانات التقنية أن هذه الأصوات لم تكن تنبع من الداخل المغربي، بل من “غرف عمليات” رقمية خارجية تعمل بطريقة منهجية ومدروسة.

وأظهرت هذه الواقعة مستوى متقدماً من العمل التضليلي القائم على “التمويه اللغوي”، إذ أتقن مشغّلو تلك الحسابات اللهجة المغربية الدارجة والمفردات المتداولة والأمثال الشعبية، ما سهّل عليهم اختراق النقاش العام واكتساب مصداقية زائفة.

كما ركزت هذه الحسابات على ملفات حساسة لدى الرأي العام، مثل غلاء الأسعار وجودة الخدمات والفساد، بهدف استثارة المشاعر وتأجيج الغضب الشعبي، مع اعتماد توقيت مدروس يتزامن غالباً مع النجاحات الدبلوماسية التي يحققها المغرب، خاصة في ما يتعلق بملف الصحراء.

ومع انكشاف الموقع الجغرافي للحسابات، سادت حالة ارتباك واضحة داخل هذه الشبكات، تزامنت مع موجة واسعة من حذف التغريدات والمنشورات التحريضية خلال ساعات قليلة، في محاولة لتخفيف آثار الفضيحة الرقمية.

كما سارع عدد من الحسابات إلى تغيير أسمائها وصورها وهوياتها، قبل أن يدخل كثير منها في صمت تام، تاركاً صفحات كانت تعج بالنشاط العدائي خاوية ومهجورة.

وقدّمت هذه التطورات دليلاً جديداً على أن أصوات تلك الحسابات لم تكن تعكس رأياً عاماً حقيقياً أو أفراداً مستقلين، بل كانت جزءاً من حملة دعائية منظمة توقفت بانكشاف غطائها.

ووفق تحليلات رقمية، تندرج هذه العملية ضمن أساليب “حروب الجيل الرابع” التي تسعى إلى ضرب الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، عبر خلق شعور عام بالإحباط والتشكيك في الواقع السياسي والاجتماعي المغربي.

وكشفت التحقيقات أن الهدف الأساس كان صناعة وهم بسخط شعبي داخلي، بينما كان هذا السخط في حقيقة الأمر “مستورَداً” ومنتَجاً في منصات خارجية متخصصة في بث الفوضى الرقمية.

كأس أمم إفريقيا.. الجزائر تكتفي بتعادل مخيب مع أنغولا

اقرأ المزيد