تصريحات أطباء جزائريين تبرر العنف الأسري بنقص السكر والنيكوتين خلال رمضان، مما يثير غضب الناشطات النسويات اللاتي يعتبرنها تبريراً لنظام أبوي يعزز السلطة الذكورية والتطبيع مع العنف.
أثارت تصريحات لبعض الأطباء في الجزائر غضباً واسعاً بين الناشطات النسويات، بعدما برروا حالات العنف الأسري والعنف ضد المرأة خلال شهر رمضان بـ”نقص السكر وعدم التدخين”.
وجاءت هذه التصريحات في سياق تفسير سلوكيات عنيفة يمارسها بعض الصائمين، حيث أرجع الأطباء هذه السلوكيات إلى حرمان الصائمين من مواد مثل القهوة أو السجائر أو السكر خلال النهار.
قال رئيس مصلحة الطب الشرعي في المستشفى الجامعي لمين دباغين، سفيان هروال، إنه تم استقبال حالات كثيرة من العنف الأسري خلال شهر رمضان، بما في ذلك الاعتداء على النساء والوالدين.
وكشف عن استقبال ما يقارب 100 حالة عنف واعتداء، تم فيها استخدام أسلحة مختلفة مثل السكاكين والأدوات المنزلية، وبرر هروال هذه الحالات بانخفاض نسبة السكر لدى الصائمين، مما يجعلهم يفقدون السيطرة على أنفسهم، كما أشار إلى تأثير نقص النيكوتين على المدخنين.
أثارت هذه التصريحات غضب مجموعة “فيمينيسيد-الجزائر”، التي أصدرت بياناً انتقدت فيه موقف الطبيب، مؤكدة أن “العنف ليس نتيجة لنقص السكر أو النيكوتين، بل هو نتاج نظام أبوي وسلطة ذكورية”.
وأكدت المجموعة أن مثل هذه التصريحات “تعيد إنتاج التطبيع مع العنف ضد النساء وتبرر الجرائم بدل محاسبة المجرمين”.
وتساءلت المجموعة: “لماذا لا نرى النساء الصائمات يعتدين على الآخرين؟ السبب ببساطة أن العنف لا علاقة له بالسكر أو النيكوتين، بل هو نتاج نظام أبوي يكرس السيطرة الذكورية”.
أكدت كنزة خاطو، عضو مجموعة “فيمينيسيد-الجزائر”، أن تصريحات الطبيب تعكس محاولة لتبرير العنف ضد النساء بدل مكافحته.
وقالت في تصريح لمصادر إعلامية: “العنف ضد النساء ليس سلوكاً ظرفياً مرتبطاً بالصيام، بل هو نتاج نظام أبوي وسلطة ذكورية في المجتمعات”.
وأضافت أن “تبريرات العنف تتغير حسب الظروف، من اختلال عقلي إلى ظروف اجتماعية صعبة، والآن نقص السكر والنيكوتين، لكن الجذور الحقيقية للعنف تبقى بعيدة عن هذه التبريرات”.
وحذرت خاطو من أن تبرير العنف ضد النساء على أساس نقص السكر أو النيكوتين يمثل خطراً على الضحايا، حيث يُضعف الجهود الرامية إلى حماية النساء ومحاسبة المعنفين.
وأكدت أن “العنف ضد النساء يتواصل على مدار السنة وليس في رمضان فقط، وتبريره بهذه الطريقة يكرس الإفلات من العقاب”.
تُظهر هذه التصريحات والردود عليها مدى تعقيد قضية العنف ضد النساء في المجتمع الجزائري، حيث تتصادم التفسيرات الطبية مع التحليلات الاجتماعية التي ترى في العنف نتاجاً لبنى اجتماعية وثقافية عميقة.
ويبقى السؤال حول كيفية معالجة هذه القضية بشكل جذري، بعيداً عن التبريرات التي قد تسهم في استمرار العنف بدل القضاء عليه.