شهدت مدينة بنغازي خلال السنوات الأخيرة تحولات إيجابية ملحوظة شملت مختلف القطاعات، حيث امتدت من تعزيز الأمن إلى إعادة إعمار البنية التحتية وتحقيق نمو اقتصادي ملموس، ما جعلها نموذجاً للصمود والتطور رغم التحديات.
تُعد بنغازي، ثاني أكبر مدن ليبيا، مركزاً سياسياً واقتصادياً مهماً، حيث لعبت دوراً محورياً في المشهد الليبي الحديث، خاصة في ظل الجهود المبذولة لاستعادة الأمن والاستقرار، وهو ما كان للمشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية، دوراً بارزاً فيه، من خلال قيادته العمليات العسكرية التي نجحت في القضاء على الجماعات المسلحة، مما مهّد الطريق لمرحلة جديدة من الإعمار والتنمية.
وبينما يؤمن الجيش الليبي حياة آمنة للمدينة، تنشط في بنغازي حياة مدنية تقودها كوادر وطنية تعمل على مدار الساعة في دفع المدينة نحو مستقبل واعد، على وقع نشاط اقتصادي متنامي، وحياة كريمة تعزز الرفاهية للمواطنين.
مشاريع كبيرة
انطلقت مشاريع واسعة لإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، حيث شهدت المدينة إعادة تعبيد أكثر من 250 كيلومتراً من الطرق الرئيسية والفرعية، إلى جانب تشييد خمسة جسور جديدة وإعادة تأهيل ثلاثة جسور رئيسية كانت قد تعرضت للدمار خلال النزاع.
كما تم إصلاح شبكات المياه والكهرباء، مما أسهم في تحسين إمدادات الخدمات الأساسية للمواطنين، في حين تم افتتاح ثلاثة مستشفيات كبرى، من بينها مستشفى بنغازي المركزي الذي أعيد تشغيله بسعة استيعابية تفوق 400 سرير، بالإضافة إلى افتتاح عشر عيادات طبية جديدة موزعة على مختلف أحياء المدينة.
وشهد مطار بنينا الدولي، المطار الرئيسي للمدينة، عمليات ترميم شاملة بعد تعرضه لأضرار جسيمة خلال النزاع. أُعيد افتتاح المطار رسمياً في يوليو 2017، بعد ثلاث سنوات من الإغلاق، لتستأنف الرحلات التجارية إلى وجهات محلية ودولية، مما أسهم في تعزيز حركة النقل الجوي ودعم الاقتصاد المحلي.
وفي إطار خطط التطوير المستمرة، أُعلن عن مشروع لتحديث المطار وتوسيع مرافقه، بهدف تحسين الخدمات المقدمة للمسافرين وزيادة قدرته الاستيعابية.
إلى جانب ذلك، شهدت المدينة افتتاح ملعب بنغازي الدولي بعد أعمال ترميم وتطوير، ليكون بوابة للاستثمار الرياضي ومركزاً لاستضافة الفعاليات الرياضية المحلية والدولية.
واحتفاءً بهذا الإنجاز، أعلنت بلدية بنغازي عن عطلة رسمية بمناسبة افتتاح الملعب، مؤكدة على أهمية المشروع في تعزيز البنية التحتية الرياضية.
وساهم دعم الرياضة في المدينة في بزوغ نجم أبطال رياضيين عديدين، أبرزهم الملاكم سعد الفلاح، الذي توّج بحزام WBA GOLD التابع للرابطة العالمية للعبة، إلى جانب تتويجه بحزام اللعبة على مستوى إفريقيا في الوزن المتوسط.
اهتمام بالتعليم
في قطاع التعليم، تم ترميم وإعادة افتتاح أكثر من 50 مدرسة كانت قد تضررت بفعل الحرب، مع بناء عشر مدارس جديدة لتلبية احتياجات النمو السكاني.
وشهد قطاع التعليم نمواً كبيراً في ظل الاهتمام الكبير بالكوادر البشرية، وجودة التعليم، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في صنع جيل يساعد في السير على طريق التطور والنمو.
وفي المرحلة الجامعية، تمتلك بنغازي إحدى أهم الجامعات في إفريقيا والعالم، إذ دخلت، العام الماضي ضمن قائمة أفضل 100 جامعة على مستوى العالم، والسادسة على مستوى إفريقيا، من حيث قوة كليات الهندسة وقسمي المعماري والمدني على وجه التحديد.
خدمات متطورة
شهدت المدينة نقلة نوعية في قطاع الخدمات، حيث افتُتح عدد من مراكز التسوق الحديثة، أبرزها مركز اللؤلؤة التجاري، الذي يُعد من أكبر المراكز التجارية في شرق ليبيا، إلى جانب مول بنغازي الجديد الذي يضم أكثر من 150 متجراً ومرافق ترفيهية حديثة.
ويأتي ذلك بالتزامن مع عمليات مستمرة لتوسيع نطاق الخدمات ورفع جودتها، بشكل يوفر حياة كريمة ومثالية للمواطنين، الأمر الذي حوّل بنغازي إلى أحد مراكز استقطاب رجال الأعمال، الذين وجدوا في المدينة بيئة مناسبة للعيش وإقامة المشاريع.
نمو اقتصادي كبير
لم يقتصر التأثير الإيجابي لاستعادة الأمن على البنية التحتية فقط، بل انعكس أيضاً على النشاط الاقتصادي، حيث شهد القطاع الصناعي نمواً ملحوظاً، إذ ازداد عدد المنشآت الصناعية.
وبينما يعتبر النفط أحد أبرز روافع الاقتصاد، تعمل بنغازي على تنويع اقتصادها، عبر دعم المشاريع الكبيرة والمتوسطة وحتى الصغيرة، من خلال جملة من القوانين والتسهيلات، الأمر الذي يهدف إلى دفع عملية النمو الاقتصادي، ويساهم في جذب المشاريع والاستثمارات الكبيرة.
واستقطبت المدينة شركات أجنبية بدأت في تنفيذ مشاريع استثمارية كبرى، مستفيدة من الاستقرار الأمني الذي وفر بيئة مناسبة للنمو الاقتصادي وساهم في خلق فرص عمل جديدة، مما عزز الإنتاج المحلي وساعد في تحريك عجلة التنمية.
ومن بين هذه المشاريع، قيام مستثمر أذربيجاني بافتتاح واحدة من أكبر مزارع الأبقار في المنطقة، إلى جانب معامل لصناعة الألبان ومشتقات الحليب.
وفي إطار تعزيز التنمية المستدامة، تسعى السلطات المحلية إلى جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والدولية، خاصة في قطاعات السياحة والعقارات والخدمات اللوجستية، بهدف تنويع مصادر الدخل وتحقيق نهضة اقتصادية شاملة، فيما يُتوقع أن تشهد المدينة في المستقبل القريب مزيداً من المشاريع التنموية التي ستفتح آفاقاً جديدة لتحسين مستوى المعيشة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
كما انعكست حالة الاستقرار على الجانب الاجتماعي، حيث عاد المواطنون تدريجياً إلى ممارسة حياتهم الطبيعية، لا سيما في ظل استقرار المنشآت النفطية التي تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ما عزز الإيرادات العامة وساهم في تحسين الأوضاع المعيشية.
ولم تقتصر التنمية في بنغازي على الجوانب الأمنية والاقتصادية، بل شملت أيضاً القطاع الثقافي والفني، حيث شهدت المدينة تنظيم أكثر من 30 فعالية ثقافية وفنية خلال العامين الماضيين، شملت معارض للفنون والموسيقى والمسرح، ما أسهم في إعادة الحياة إلى المشهد الثقافي، ورسّخ التعايش الاجتماعي، وحمل رسالة أمل بأن بنغازي تستعيد مكانتها كحاضرة ثقافية بارزة في ليبيا.
ورغم الصعوبات التي واجهتها خلال السنوات الماضية، أثبتت بنغازي قدرتها على تجاوز المحن والانطلاق نحو مستقبل أكثر إشراقاً، بفضل الجهود الأمنية والتنموية التي جعلتها نموذجاً للاستقرار والازدهار، وكان للمشير خليفة حفتر دور محوري في هذه المسيرة، حيث أسهمت قيادته في ترسيخ الأمن وتهيئة البيئة المناسبة للنمو الاقتصادي والاجتماعي، ما يجعل بنغازي اليوم رمزاً للصمود والطموح في ليبيا.