السلطات المصرية تشن حملة ضد مشاهير “تيك توك” وسط جدل محتدم حول المحتوى الخادش، وتحركات برلمانية تهدد بعقوبات إذا لم يُضبط المحتوى وفق القيم المجتمعية.
وأعلنت الأجهزة الأمنية المصرية توقيف عدد من صناع المحتوى الذين يقدمون فيديوهات وُصفت بـ”الخادشة للحياء العام”، مؤكدة أنها في صدد إحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم على خلفية ما تم نشره من مخالفات عبر المنصة.
وجاء ذلك بعد صدور تقرير حديث عن “تيك توك” كشف أن المنصة أزالت خلال الربع الأول من عام 2025 أكثر من 16.5 مليون فيديو مخالف لإرشادات المجتمع في خمس دول، تصدّرتها مصر بحذف 2.9 مليون فيديو، إلى جانب إيقاف أكثر من نصف مليون بث مباشر داخل البلاد بسبب مخالفات تتعلق بالآداب العامة.
وبالتوازي مع التحرك الأمني، تحرك مجلس النواب المصري، ممثلاً بلجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لعقد اجتماعات مكثفة مع جهات رسمية، من بينها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ومدير “تيك توك” في مصر وشمال إفريقيا، بهدف مناقشة الانتهاكات المتكررة على المنصة، وعلى رأسها المحتوى غير الأخلاقي الذي يتنافى مع الضوابط والقيم المجتمعية.
وأكد رئيس اللجنة، النائب أحمد بدوي، أن الجانب المصري عبّر بوضوح عن رفضه لاستمرار نشر هذا النوع من المحتوى، ووجّه انتقادات مباشرة إلى إدارة “تيك توك” بسبب ما اعتُبر تقاعساً في اتخاذ إجراءات جدية لوقف هذه التجاوزات، وكشف بدوي أن ممثلي المنصة طلبوا مهلة زمنية مدتها ثلاثة أشهر لتحسين منظومة الرقابة على المحتوى.
وأوضح أن اللجنة مستعدة لتفعيل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في حال لم يُسجَّل تجاوب فوري من إدارة “تيك توك”، مشيراً إلى أن الهدف ليس حظر المنصة كلياً، بل تنظيم المحتوى بما يراعي الخصوصية الثقافية والاجتماعية لمصر، مع استعداد البرلمان لاستخدام أدواته القانونية إذا لم تُطبق المعايير المتفق عليها.
وفي المقابل، أكدت النائبة مها عبد الناصر، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن الحديث عن الحظر ليس حلاً جذرياً، موضحةً أن التجربة أثبتت أن الحجب لا يُجدي نفعاً في ظل إمكانية استخدام تطبيقات VPN وغيرها من الأدوات التي تتيح تجاوز الحظر، ودعت إلى اتباع نهج أكثر شمولاً يشمل التوعية المجتمعية وتشجيع إنتاج محتوى هادف.
وطالبت عبد الناصر بإيجاد بيئة رقمية إيجابية تُنتج وتدعم محتوى تعليمي وثقافي وإبداعي قادر على جذب الملايين، مؤكدة أن الحل يكمن في التعاون بين الدولة وصناع المحتوى لتقديم بدائل جاذبة توازي المحتوى المثير للجدل.
ومن جانبه، أوضح خبير التسويق الرقمي أحمد البنداري، أن منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”إنستغرام” و”واتساب” و”تيك توك” تقدم خدمات متشابهة، لكن الخطورة تكمن في المحتويات التي تبدأ بشكل ساخر أو ترفيهي ثم تتحول تدريجياً إلى محتوى خادش وغير مناسب.
وأشار البنداري إلى ضرورة تطوير آليات رقابة ذكية قادرة على رصد أنشطة مشبوهة مثل الثراء المفاجئ أو الانتشار غير المبرر للمحتوى، مع توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد ومنع المحتوى الضار دون المساس بحرية الاستخدام، مطالباً بتشريعات رادعة تحد من التربح غير المشروع من هذا النوع من الفيديوهات.
ويأتي هذا التحرك في وقت تتزايد فيه الدعوات داخل مصر لضبط الفضاء الرقمي، وسط مخاوف من التأثيرات السلبية للمحتوى غير المنضبط على النسيج الأخلاقي والثقافي للمجتمع، وخاصة فئة الشباب.
ليبيا تواجه مصر في الجولة الثانية من مونديال الناشئين بالكرة الطائرة
