15 ديسمبر 2025

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إطلاق أعمال ما أطلق عليه الحوار المهيكل، باعتباره مسارا وطنيا شاملا يهدف إلى تهيئة البيئة السياسية والمؤسسية لإجراء الانتخابات، ضمن خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة لمعالجة الانسداد السياسي في البلاد.

وأكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، خلال افتتاح أعمال الحوار في العاصمة طرابلس، أن هذه المبادرة تمثل إحدى الركائز الأساسية للعملية السياسية الجارية، وتهدف إلى إطلاق حوار ليبي واسع يقود إلى توافقات عملية تعزز الاستقرار وتفتح الطريق أمام الاستحقاقات الانتخابية.

وشددت تيتيه على رمزية انعقاد الحوار داخل ليبيا، معتبرة أن مناقشة مستقبل البلاد يجب أن تتم على أرضها وبمشاركة مباشرة من الليبيين، موضحة أن الحوار المهيكل، الذي أعلن عنه رسميا في أغسطس الماضي، صمم ليكون منصة وطنية جامعة تتيح لمختلف مكونات المجتمع الإسهام في صياغة برنامج عمل للمرحلة المقبلة.

وأوضحت أن الحوار يضم 124 مشاركا يمثلون مناطق وخلفيات متنوعة، بينهم 81 رجلا و43 امرأة، إضافة إلى 13 شابا، وممثلين عن المكونات الثقافية واللغوية، وأشخاص من ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أن نسبة مشاركة النساء بلغت نحو 35%، في انعكاس لالتزام البعثة بمبادئ الشمول والتنوع.

وبينت أن اختيار المشاركين جرى عبر آلية ترشيح متعددة المسارات شملت البلديات، والأحزاب السياسية، والمؤسسات الأكاديمية والفنية والأمنية، والكيانات الثقافية، إلى جانب أكثر من ألف طلب ترشح طوعي من مواطنين ليبيين، مؤكدة أن معايير الاختيار ارتكزت على الخبرة والقدرة على بناء التوافق وتقديم المصلحة الوطنية.

وفي هذا السياق، أقرت تيتيه بأن عددا من الليبيين لم يتمكنوا من المشاركة المباشرة، سواء بسبب محدودية المقاعد أو لأسباب سياسية، داعية إياهم إلى الانخراط في المسار عبر المنصات الرقمية واستطلاعات الرأي التي أطلقتها البعثة، ومؤكدة أن الحوار مفتوح لكل الليبيين داخل قاعاته وخارجها.

وحول خلفيات إطلاق المبادرة، شددت المبعوثة الأممية على أن إيصال صوت الليبيين يمثل جوهر المسار السياسي الذي تيسره الأمم المتحدة، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الداعية إلى عملية شاملة يقودها الليبيون بأنفسهم.

وذكرت في هذا الإطار بتشكيل لجنة استشارية من 20 خبيرا ليبيا في وقت سابق من العام، عملت على معالجة الخلافات المرتبطة بالقوانين الانتخابية وأسهمت توصياتها في بلورة خارطة الطريق الحالية.

وأعلنت تيتيه أن جلسات الحوار ستنطلق فعليًا في يناير 2026، وتمتد ما بين أربعة وستة أشهر، على أن تركز على أربعة محاور رئيسية تشمل الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان.

وينتظر أن تفضي هذه النقاشات إلى توصيات عاجلة لتحسين الأداء الحكومي وتهيئة المناخ للانتخابات، إلى جانب مقترحات سياسية وتشريعية تعالج جذور النزاع وتدعم رؤية وطنية موحدة.

وأكدت أن الحوار، رغم تيسيره من قبل الأمم المتحدة، يظل في جوهره ليبيا – ليبيا، وأن نجاحه مرهون بتفاعل المشاركين والمجتمع الليبي الأوسع، كاشفة عن إطلاق مسارات موازية تشمل تجمعا نسائيا، ومنصة رقمية مخصصة للشباب، ومشاورات خاصة مع الأشخاص ذوي الإعاقة لضمان إدماج أولوياتهم.

وشددت المبعوثة الأممية على أن العملية ستدار وفق معايير صارمة تضمن الاحترام المتبادل وبيئة آمنة للنقاش، محذرة من أن أي خرق لمدونة السلوك قد يؤدي إلى الاستبعاد حفاظا على نزاهة الحوار.

وفي ختام كلمتها، جددت تيتيه تأكيد دعم مجلس الأمن والمجتمع الدولي لمسار سياسي يقوده الليبيون، معتبرة أن الحوار المهيكل يشكل فرصة حقيقية لتعزيز الحكم الرشيد، وتوحيد المؤسسات، ودفع مسار المصالحة الوطنية، وصولا إلى دولة أكثر استقرارا وقدرة على تلبية تطلعات مواطنيها.

ليبيا تواجه خطر تجدد الصراع مع استمرار الانقسام السياسي والأمني

اقرأ المزيد