05 ديسمبر 2025

في إحاطة اتسمت بالحذر والقلق، أعلنت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، تأجيل الكشف عن ما كان يُنتظر أن يكون خريطة طريق لإنهاء الأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد، مشيرة إلى تعثر المشاورات مع الأطراف الليبية.

وجاءت الإحاطة، التي قُدّمت أمام مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، كمؤشر على حجم التحديات التي تواجه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا  (UNSMIL)، وسط انقسامات داخلية متجذّرة ومخاوف دولية من انزلاق البلاد مجددًا إلى دائرة العنف والفوضى المالية.

وسلطت تيتيه الضوء على استمرار الانقسام بين الحكومتين في طرابلس وبنغازي، وفشل الجهود المتكررة لتشكيل سلطة تنفيذية موحّدة. وأكدت أن الصراعات وغياب التشريعات الضرورية لإجراء الانتخابات؛ أفرغت العملية السياسية من مضمونها، في وقت تشهد فيه البلاد توترات أمنية وتصاعدًا في الاشتباكات بين الجماعات المسلحة، لاسيما في مناطق التماس الحيوية.

ولم تخف المبعوثة قلقها حيال الوضع الإنساني، مشيرة إلى التدهور الحاد في ظروف النازحين داخليا، وغياب الوصول إلى الخدمات الأساسية، من صحة ومياه وتعليم، فضلا عن ضعف جهود إعادة الإعمار في المناطق التي شهدت صراعات عنيفة خلال السنوات الماضية.

وعلى نحو لافت، أعلنت تيتيه عن تحول في استراتيجية البعثة الأممية، بالتركيز على المسار الاقتصادي كمدخل جديد لكسر الجمود السياسي، وهو ما وصفته بـ”الفرصة الأخيرة” لإنقاذ ما تبقى من الاستقرار المالي، ودعت إلى حوار وطني لتشكيل “خريطة طريق مالية موحّدة”، وسط تحذيرات جدّية من انهيار اقتصادي وشيك نتيجة تدهور قيمة الدينار الليبي وتضارب السياسات النقدية بين شرق البلاد وغربها.

ومن بين ما كشفت عنه تيتيه في إحاطتها، عقدها سلسلة لقاءات في جنوب البلاد مع ممثلين عن القبائل والأعيان، في محاولة لتجاوز حالة التهميش التاريخي التي يعانيها الإقليم، وأكّدت أن هناك توافقا أوليا على استمرار الحوار وضمان إيصال صوت الجنوب في صياغة أي اتفاقات وطنية مستقبلية، وهو ما يُعد اختبارا جديدا لمدى شمولية العملية السياسية.

وحملت مداولات مجلس الأمن الدولي إشارات دعم واضحة لعمل بعثة الأمم المتحدة، لكن مع تباين في درجات اللهجة والمطالب، فالولايات المتحدة شددت على ضرورة تمكين الحكومة الليبية من ممارسة سيادتها، مع التأكيد على أولوية إجراء الانتخابات، أما المملكة المتحدة أبدت قلقها إزاء الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، ودعت لضبط النفس واستئناف المسار السياسي.

بالنسبة لروسيا والصين تمسكتا بمبدأ السيادة الليبية، مع رفض أي تدخل خارجي، ودعوتين واضحتين للحوار الليبي-الليبي، بينما طالبت فرنسا بتسريع توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، ووقف الجمود السياسي، وبالنسبة للإمارات فرحبت بجهود المصالحة الوطنية، فيما اليونان رئيس الدورة دعت إلى وقف العنف ومحاسبة منتهكي حقوق المدنيين.

ومن المتوقع أن يصدر مجلس الأمن بيانا جديدا يدعم اللجنة الاستشارية الليبية، مع دعوة صريحة لاستئناف المفاوضات ووضع معايير واضحة لقياس التقدم، لا سيما في المسارات الأمنية والاقتصادية، تمهيدًا لإجراء انتخابات موثوقة طال انتظارها.

أحزاب ليبية تطالب بمراجعة آليات عمل البعثة الأممية

اقرأ المزيد