21 ديسمبر 2025

احتضن قصر كولوبا في العاصمة المالية باماكو أمس السبت، الجلسة الافتتاحية للدورة الكونفدرالية الأولى لمجلس وزراء اتحاد دول الساحل، في محطة مؤسسية جديدة ضمن مسار التكتل الإقليمي الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

وترأس الاجتماع الرئيس الانتقالي لمالي، الفريق أول أسيمي غويتا، بصفته رئيس الدولة ورئيس اتحاد دول الساحل، بمشاركة وزراء حكومات الدول الثلاث، وذلك قبل أيام من انعقاد الدورة الثانية لهيئة رؤساء الدول المقررة يومي 22 و23 ديسمبر الجاري في باماكو.

وفي كلمة افتتاحية حملت أبعادا سياسية وسيادية واضحة، اعتبر غويتا أن انعقاد هذه الدورة يشكل خطوة تأسيسية في بناء الهياكل الكونفدرالية للاتحاد، موضحا أن مجلس الوزراء يعد إحدى الركائز الثلاث للحكم الكونفدرالي، إلى جانب هيئة رؤساء الدول والبرلمان الكونفدرالي المزمع إنشاؤه، وفق ما نصت عليه المادة 12 من المعاهدة التأسيسية الموقعة في نيامي في 6 يوليو 2024.

وأوضح أن جدول أعمال الدورة يتضمن مناقشة تقرير التقدم في تنفيذ خارطة طريق السنة الأولى للاتحاد، إلى جانب بحث بروتوكولات إضافية تتعلق بملفات الدفاع والدبلوماسية والتنمية، فضلا عن الأطر القانونية المنظمة لانعقاد البرلمان الكونفدرالي، ومن شأن اعتماد هذه النصوص، بحسب غويتا، أن يستكمل البنية المؤسسية للاتحاد ويمنحه أدوات عمل أكثر تماسكا.

وفي سياق أوسع، شدد رئيس اتحاد دول الساحل على أن المشروع الكونفدرالي لا يقتصر على التنسيق السياسي، بل يهدف إلى تكريس ما وصفه بـ”تحرر حقيقي” لشعوب المنطقة، قائم على استثمار الموارد الذاتية والقدرات البشرية، بعيدا عن أشكال التبعية التقليدية.

وقال غويتا إن الدول الثلاث “اتخذت خيارا سياديا بتوحيد جهودها من أجل بناء فضاء آمن ومستقر”، داعيا إلى تعزيز التعاون العملي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية التي تواجه منطقة الساحل، في ظل تصاعد التهديدات العابرة للحدود.

ولم يخل الخطاب من لهجة تصعيدية تجاه أطراف دولية، فاتهم الرئيس المالي جهات خارجية بشن ما سماه “إرهابا اقتصاديا وإعلاميا” يستهدف تقويض الدعم الشعبي لاتحاد دول الساحل، معتبرا أن هذه الضغوط لم تؤدِ إلا إلى زيادة تمسك دول الاتحاد بخياراتها السيادية على المستويين الإفريقي والدولي.

كما وجه غويتا إشادة لقوات الدفاع والأمن في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، مثمنا ما وصفه بـ”التضحيات الجسيمة” التي تقدمها في مواجهة الجماعات المسلحة وحماية سيادة الدول، مؤكدا أن الشرعية الحقيقية للاتحاد تنبع من شعوبه.

وخارج الإطار الضيق لمنطقة الساحل، حرص رئيس الاتحاد على ربط المشروع الكونفدرالي بسياق غرب إفريقيا الأوسع، مشيرا إلى أن شعوب المنطقة تجمعها روابط تاريخية وثقافية وجغرافية عميقة، تجعل من التعاون والتكامل خيارا طبيعيا لا غنى عنه.

ويأتي هذا الاجتماع في وقت يشهد فيه اتحاد دول الساحل تسارعا في خطواته المؤسسية، بعد انسحاب الدول الثلاث من تكتلات إقليمية تقليدية، وسعيها إلى بلورة نموذج إقليمي بديل يعكس تحولات موازين النفوذ وخيارات الحكم في منطقة تعاني منذ سنوات من أزمات أمنية وتنموية متشابكة.

 

توقيع 18 اتفاقية تعاون بين مالي ورواندا لتعزيز العلاقات الثنائية

اقرأ المزيد