22 ديسمبر 2024

أصبحت جزيرتا كريت وجافدوس اليونانيتين مركزا للهجرة غير الشرعية من ليبيا، حيث شهدتا ارتفاعا حادا في عدد قوارب المهاجرين الواصلة هذا العام، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

ووصل ما يقارب من 1075 مهاجرا معظمهم من مصر وبنجلادش وباكستان للجزيرتين هذا العام، وذلك مقارنة بحوالي 860 مهاجرا طوال العام الماضي، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتؤكد هذه الأرقام أن اليونان أصبحت نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين في الاتحاد الأوروبي من الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، حيث لم تكن جزيرتي كريت وجافدوس وجهةً أساسيةً للمهاجرين الذين كانوا يقصدون جزرا شرقية قريبة من تركيا.

ورغم أن البحر الأبيض المتوسط أصبح محورا للهجرة غير الشرعية منذ بداية أحداث الربيع العربي، إلا أن ليبيا ظهرت كبؤرة لأزمة الهجرة نتيجة الوضع الأمني المتدهور، الأمر الذي أوجد شبكة معقدة من العاملين في مسائل الهجرة، وظهرت معها تحديات دفعت الاتحاد الأوروبي إلى الضغط الدائم على كافة الأطراف الليبية للتعامل مع الهجرة غير الشرعية.

خطوط هجرة جديدة

الزيادة التي أوردتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أثارت مخاوفا من ظهور طريق تهريب جديد، وزاد الضغط على اليونان التي تعاني أصلا من وضع اقتصادي سيء، وفاقم التحديات التي تواجهها منذ أن أصبحت نقطة دخول رئيسية للمهاجرين واللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي منذ أزمة عام 2015، والتأثير المباشر الحالي ظهر عبر الاستنزاف الاقتصادي الذي تشهده كريت وجافدوس، حيث تكافح السلطات المحلية والسكان لتوفير وسائل الراحة الأساسية للوافدين الجدد الذين يحتمون في المباني المهجورة والمخيمات المؤقتة، ويسلط هذا الوضع الضوء على التحدي الأوسع الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي في إدارة حدوده وتقديم المساعدة الإنسانية إلى المحتاجين.

والواضح أن ليبيا أصبحت مكانا مثاليا للمجموعات التي تتعامل مع المهاجرين، فالموقع الجغرافي يمنحها ميزة أساسية، لكن الأهم أن الاضطراب السياسي والأمني الذي تعيشه يجعل من عمليات الهجرة محمية من قبل بعض المجموعات المسلحة، ويصعب محاربتها في ظل الصراع بين الشرق والغرب الليبيين.

ومع غياب تشكيل حكومة موحدة وانتشار الفصائل المسلحة غدت ليبيا أرضا خصبة لشبكات الاتجار بالبشر والتهريب، وتستغل هذه الجماعات عدم قدرة السلطات التعامل مع هذه المعضلة لتطوير عملياتها، وفتح خطوط هجرة مختلفة ومتنوعة باتجاه أوروبا.

عملية صوفيا والاستجابات الدولية

تعتبر عملية “صوفيا” التي أطلقتها الاتحاد الأوروبي لتعطيل شبكات الاتجار بالبشر في البحر الأبيض المتوسط خطوةً هامةً، ولكن فعالية التدخلات العسكرية بقيت موضع نقاش. فالتركيز على التدابير الأمنية دون معالجة الأسباب الجذرية للهجرة لن يحل الأزمة، وذلك في وقت أدت الجهود المبذولة للحد من الهجرة من ليبيا إلى اتفاقيات مثيرة للجدل بين الدول الأوروبية وخفر السواحل الليبي، فمثل هذه الترتيبات تنتهك القانون الدولي وحقوق المهاجرين، لأنها تنطوي على إعادة الأفراد إلى ليبيا، حيث يواجهون سوء المعاملة والتعذيب. ويسلط هذا الوضع الضوء على التحديات الأخلاقية والقانونية المعقدة في إدارة تدفقات الهجرة وحماية حقوق المهاجرين.

ومن المتوقع أن تلفت الزيادة الأخيرة للهجرة حوارات جديدة لاتخاذ إجراءات جديدة، على الأخص بعد أن أصدرت النيجر قانونا يجرم الهجرة غير الشرعية، ومن المتوقع أن يخفف أي تشريع جديد من زيادة تدفق المهاجرين عبر ليبيا، لكن المعالجة لهذه المسألة الشائكة هي تحد متعدد الأوجه يتطلب استجابة شاملة. فالمعالجة الجذرية لأسباب الهجرة، وضمان احترام حقوق الإنسان، وتعزيز الاستقرار السياسي والأمني والتنمية في بلدان الأصل هي خطوات حاسمة نحو حل مستدام.

وفي الوقت الذي تحاول فيه أوروبا الحد من تدفق المهاجرين، فأن الوضع في ليبيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط هو اختبار جدي لالتزام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان والتعاون العالمي في مواجهة الأزمات الإنسانية المعقدة، ويتطلب اتباع نهج متوازن يوفق بين أمن الحدود وضرورة حماية كرامة وحقوق جميع الأفراد، بغض النظر عن وضعهم كمهاجرين.

بقلم نضال الخضري

مساعي أمريكية لتوسيع التعاون مع القوات العسكرية الليبية

اقرأ المزيد