05 ديسمبر 2025

تحولت الهجرة غير الشرعية في ليبيا من أزمة إنسانية إلى تحد استراتيجي يعيد تشكيل المشهد السكاني والاقتصادي للبلاد، في ظل تصاعد أعداد المهاجرين وتوسع شبكات التهريب عبر الحدود الجنوبية والسواحل الشمالية، ما جعل ليبيا منطقة عبور مركزية نحو أوروبا ومسرحًا لتقاطع المصالح الإقليمية والدولية.

وتقدّر الأمم المتحدة عدد المهاجرين غير النظاميين في ليبيا بنحو 650 ألف شخص حتى منتصف عام 2025، بينما تشير مصادر محلية إلى أن الرقم قد يتجاوز 1.5 مليون، وتذهب تقديرات أخرى إلى أكثر من 2.5 مليون مهاجر.

ويعكس هذا التفاوت الكبير غياب قاعدة بيانات موحدة وصعوبة الإحصاء في بلد تتوزع فيه السيطرة بين سلطات متعددة وتغيب عنه مؤسسات إدارية مستقرة.

وتمتد الحدود الليبية مع ست دول إفريقية، أغلبها يعيش اضطرابات أمنية واقتصادية، ما يجعلها ممرا مفتوحا لشبكات تهريب البشر.

أما الساحل الليبي، البالغ طوله نحو 1900 كيلومتر على البحر المتوسط، فيُعد أحد أهم منافذ العبور نحو أوروبا، حيث تتجه منه القوارب المحملة بالمهاجرين نحو إيطاليا ومالطا.

وتشير بيانات دولية إلى أن أغلب المهاجرين ينحدرون من السودان والنيجر وتشاد ونيجيريا ومصر، ويتمركز أكثر من نصفهم في المدن الغربية مثل الزاوية وصبراتة وطرابلس.

ويؤكد مراقبون أن استمرار تدفق المهاجرين بهذا الحجم يضغط على سوق العمل والخدمات الأساسية في ليبيا، خصوصا في قطاعات البناء والزراعة والخدمة المنزلية، حيث يشكل المهاجرون اليد العاملة الأرخص والأكثر هشاشة قانونيا.

وأدى هذا الواقع إلى توسع الاقتصاد الموازي غير المنظم، وتراجع فرص العمل للمواطنين الليبيين، فضلًا عن اختلال التركيبة الاجتماعية في بعض المدن التي تشهد تزايدًا لافتًا في أعداد المهاجرين.

كما بدأت تظهر مشكلات ديموغرافية جديدة نتيجة ولادات أبناء المهاجرين داخل الأراضي الليبية، وسط غياب إطار قانوني واضح للتسجيل أو الرعاية الاجتماعية، ما يُنذر بظهور جيل جديد “بلا هوية وطنية واضحة”.

وعلى المستوى الدولي، تتباين المواقف تجاه الملف الليبي؛ فبينما يركز الاتحاد الأوروبي على البعد الأمني وتمويل برامج تدريب لحرس السواحل الليبيين لوقف تدفق المهاجرين، تحذر منظمات إنسانية من انتهاكات خطيرة في مراكز الاحتجاز، مطالبة بتسوية أكثر توازنًا تحفظ الكرامة الإنسانية والسيادة الليبية معًا.

أما في الداخل، فتنفذ الأجهزة الأمنية حملات ميدانية متكررة لضبط المهاجرين وملاحقة المهربين، إلا أن اتساع الحدود وضعف التنسيق بين المؤسسات يجعل نتائج هذه الحملات محدودة ومؤقتة، فيما تستفيد شبكات التهريب من غياب الرقابة الدولية الفاعلة.

السفارة الليبية بالسعودية: الإفراج عن 5 مواطنين ليبيين

اقرأ المزيد