في خطوة تاريخية تعكس توجه النيجر نحو تعزيز هويتها الوطنية واستعادة سرد تاريخها من منظور مستقل، أمر الرئيس عبد الرحمن تياني بتشكيل لجنة أكاديمية لإعادة كتابة “التاريخ العام للنيجر”، الذي طالما تأثر بالاستعمار الفرنسي.
ووفقاً لوكالة الأنباء الوطنية النيجيرية، تم تشكيل اللجنة من نخبة من المؤرخين والأكاديميين بقيادة البروفيسور مايكوريما زكاري، المعروف بإسهاماته في مجال التاريخ.
وتهدف اللجنة إلى توثيق الأحداث التاريخية من منظور نيجري يعكس تنوع الشعب وثقافاته، مع تسليط الضوء على دور الأجداد في بناء هوية البلاد.
وعقد المؤرخون وعلماء الآثار اجتماعاً في 22 نوفمبر لمناقشة الأساليب المناسبة لصياغة هذا التاريخ الجديد، بما يعكس رؤية أكثر عدالة وشمولية لتجارب الشعب النيجري.
وتأتي هذه الخطوة في إطار توجه شامل للحكومة الانتقالية نحو التحرر من الموروثات الاستعمارية، حيث تم بالفعل إعادة تسمية العديد من الشوارع والميادين في العاصمة نيامي، التي كانت تحمل أسماء مرتبطة بالاستعمار الفرنسي.
وأكد وزير الشباب والثقافة، عبد الرحمن أمادو، أن هذه المبادرة تهدف إلى تكريم الذاكرة الجماعية للشعب، مشيراً إلى أن رموز الأماكن العامة السابقة لم تكن تعبر عن تطلعات الشعب أو نضاله ضد الاستعمار.
كما شدد الجنرال عبده أسوماني هارونا، حاكم منطقة نيامي، على أهمية استعادة رموز الهوية الوطنية في مواجهة الإرث الاستعماري.
ورغم الترحيب الكبير بالمبادرة، تواجه عملية إعادة كتابة التاريخ تحديات كبيرة، منها الحاجة إلى موارد ضخمة وأبحاث دقيقة، إضافة إلى ضرورة الحصول على إجماع مجتمعي واسع.
ومع ذلك، تعتبر هذه الخطوة ضرورية لتعزيز التماسك الاجتماعي وترسيخ الهوية الوطنية، فضلاً عن تصحيح السرد التاريخي للأجيال القادمة.
ومنذ الانقلاب الذي قاده الجنرال تياني في يوليو 2023، تتخذ النيجر خطوات واضحة للابتعاد عن النفوذ الفرنسي وتعزيز سيادتها، ويعد مشروع إعادة كتابة التاريخ جزءاً من استراتيجية أوسع لتوثيق إرثها الوطني وصياغة مستقبل أكثر استقلالية وعدالة.
ومن خلال هذه المبادرة الطموحة، تسعى النيجر إلى وضع أسس جديدة لفهم ماضيها، بما يدعم بناء مجتمع أكثر قوة وتماسكاً، مستنداً إلى قيمه الوطنية وهويته المستقلة.
فرنسا تجرّد إيطاليا من لقبها وتصنع “أطول رغيف خبز”