في خطوة تعكس التزاماً استراتيجياً بتعزيز القدرات الدفاعية، رفعت الحكومة المغربية ميزانية الدفاع لعام 2026 إلى 157 مليار درهم، أي ما يعادل 15.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 18% مقارنة بالعام السابق.
ويأتي هذا الترفيع في الإنفاق العسكري ليؤكد مكانة الأمن القومي كأولوية قصوى في ظل التحديات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة.
وتُظهر الأرقام تصاعداً مستمراً في الإنفاق الدفاعي المغربي خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت الميزانية من نحو 96.7 مليار درهم في عام 2019 إلى 133 مليار درهم في 2025، وصولاً إلى الرقم القياسي الجديد في 2026.
ويهدف هذا التوجه إلى اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية، وتطوير البنية التحتية العسكرية، إلى جانب دعم صناعة الدفاع التي تعتبرها المملكة رافعة للتنمية التكنولوجية ومؤشراً على تحولها إلى قوة إقليمية صاعدة.
وبحسب مشروع الميزانية، فإن المغرب يسعى إلى تأسيس صناعة عسكرية متكاملة، مستفيداً من نجاحاته السابقة في تصنيع السيارات والطائرات.
وقد أقر قانوناً في عام 2020 يسمح بإنشاء شركات ومقاولات متخصصة في تصنيع وصيانة وبيع الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية والأمنية، ما فتح الباب أمام استثمارات جديدة في هذا القطاع الحيوي.
وفي هذا السياق، أنشأت المملكة مناطق صناعية مخصصة لصناعة الدفاع، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوطين التكنولوجيا، وتشمل هذه المناطق خطوط إنتاج للطائرات المسيرة، وأنظمة الأسلحة، والذخائر، بالإضافة إلى معدات الدفاع المتطورة.
وتعكس الشراكات الدولية التي أبرمها المغرب توجهاً نحو نقل التكنولوجيا والخبرات، حيث تم مؤخراً تدشين مصنع لإنتاج المركبات القتالية المدرعة في منطقة برشيد، بالتعاون مع شركة “تاتا أدفانسد سيستمز ليمتد” الهندية، في خطوة تُعد بداية التصنيع الثقيل في المجال العسكري.
كما يعمل المغرب على توطين صناعة الطائرات المسيرة، إذ أعلنت شركة مغربية عن إنتاج أولى طائراتها العسكرية بدون طيار تحت اسم “أطلس”، إلى جانب شراكات مع دول متقدمة مثل تركيا لتصنيع أنواع مختلفة من المُسيّرات وأنظمة الأسلحة.
وفي إطار تقليص التبعية للخارج، أنشأ المغرب وحدات متخصصة لصيانة وتحديث أنظمة الطائرات العسكرية، بما في ذلك مقاتلات “إف-16” وطائرات النقل “سي- 13″، ما يعزز استقلالية القرار العسكري ويضمن جاهزية القوات في مختلف الظروف.
ويولي المغرب أهمية كبيرة لتنويع مصادر التسليح والشراكات الدفاعية، بما يضمن استقلالية القرار السيادي وعدم الارتهان لمحور واحد، وتأتي هذه الجهود في ظل التوترات الإقليمية، لتزويد القوات المسلحة بأسلحة متطورة ومصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات العملياتية.
ومن المتوقع أن تسهم هذه الصناعة في خلق فرص عمل للكفاءات المغربية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وتطوير الخبرات الوطنية، فضلاً عن تحويل المغرب إلى منصة إقليمية لتصدير العتاد العسكري إلى الدول الصديقة في القارة الإفريقية، ما يعزز مكانته كلاعب محوري في الأمن الإقليمي والدولي.
100 شركة مغربية تعتزم التصدير للسعودية عبر خط بحري مباشر
