في خطوة وصفتها أوساط اقتصادية بأنها نقطة “تحول”، تستعد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير مطلع نوفمبر المقبل، بالتزامن مع تدشين عدد من المشاريع السياحية الضخمة على الساحل الشمالي، ورأس الحكمة، وساحل البحر الأحمر، لإعادة رسم خريطة السياحة في البلاد.
وتشير بيانات رسمية ومقابلات مع خبراء القطاع إلى أن هذه المشاريع، بمصاحبتها للمتحف الكبير، ترفع أعداد الوافدين إلى مصر ما بين 20 و25٪ بحلول نهاية عام 2026، على أن يواكب ذلك ارتفاع في متوسط الإنفاق السياحي، وتحقيق تكامل بين السياحة الثقافية والشاطئية.
وتؤكد إحصائيات البنك المركزي المصري أن عائدات قطاع السياحة نمت من نحو 4.9 مليار دولار في العام المالي 2020/2021 إلى حوالي 16.7 مليار دولار في العام المالي المنصرم، بمعدّل نمو سنوي يقارب 16.3٪.
وبين ورئيس مجموعة “بيك الباتروس”، كامل أبو علي، أن افتتاح المتحف يعد “حافزا قويا” لاستعادة الزخم السياحي، خصوصا في القاهرة، وأن المشاريع الضخمة في مصر ستعيد القطاع إلى مستويات ما قبل الأزمات.
ومن جانيه رأى عضو غرفة شركات السياحة، مجدي صادق، أن الجمع بين الوجهات الثقافية (القاهرة والمتحف) والوجهات الشاطئية (الساحل الشمالي ورأس الحكمة) سيتيح للسائح حركة مستمرة على مدار العام، وليس حصر التجربة في مواسم محدودة، وتطوير البنية التحتية وطرق الربط بين الوجهات سيُسهم في خفض زمن التنقل، مما يجعل زيارة المتحف إثر التوجه إلى الشاطئ ممكنة خلال ساعات.
وفي سيناريو أكثر جرأة، يتوقع صادق أن يؤدي المتحف إلى قفزة فورية في عدد السياح تصل إلى 25٪ سنويا إذا ما ترافقت الجهود مع تهدئة سياسية في المنطقة.
أما عضو اتحاد غرف السياحة علي غنيم، فيشير إلى أن المتحف سيساهم في زيادة حصة السياحة الثقافية من إجمالي السياحة الواردة من 40٪ حاليا إلى نحو 45–50٪، متوازنة مع السياحة الشاطئية.
ويرى خبير السياحة والطيران، عماري عبد العظيم، يرى أن الشركات بدأت تضم المتحف المصري الكبير إلى باقاتها السياحية، خصوصا بين الفئات الأوروبية المهتمة بالآثار، ويتوقع أن يبلغ عدد السياح نحو 17–18 مليون زائر بنهاية 2026، بعوائد لا تقل عن 17 مليار دولار.
وتستهدف الحكومة ضمن رؤيتها للتنمية الاقتصادية جذب نحو 130 مليون سائح خلال الفترة بين 2025 و2030، ورفع عدد الوافدين من 15.8 مليون في 2024 إلى 28 مليون في 2030، على أن يصل العدد إلى 50 مليون بحلول 2050.
كما تركز الاستراتيجية على استقطاب السياح ذوي الإنفاق المرتفع من خلال المشروعات العقارية الفاخرة بالشراكات مع المستثمرين الإماراتيين والسعوديين، مثل مشروع رأس الحكمة (بتكلفة 35 مليار دولار) ومشروع “مراسي البحر الأحمر”.
أما أبرز التحديات التي يمكن أن تعيق تحقيق هذه الأهداف فتظهر في الاستقرار السياسي والأمني، والطاقة الفندقية، حيث يدعو الخبراء إلى رفع عدد الغرف الفندقية إلى نحو 300 ألف غرفة مقارنة بحوالي 220 ألف حاليا، إلى جانب تشجيع الاستثمار في شقق الإجازات بتسهيلات ضريبية، تنظيم السوق وسلوك الأسعار.
ويتوقع أن يسهم المتحف المصري الكبير، كأكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في العالم، في جذب اهتمام دولي واسع، واستغرق بناؤه ما يقارب عقدين، بتكلفة تقدير قيمتها نحو مليار دولار.
مصر تطلق تدريب “ميدوزا 14” العسكري بمشاركة 17 دولة
