تشهد العاصمة المصرية القاهرة حراكا سياسيا مكثفا مع انطلاق جولة جديدة من اللقاءات بين الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول إدارة قطاع غزة وترتيبات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وتأتي الاجتماعات في وقت تتزايد فيه التحركات الأميركية والإقليمية الداعمة لمسار التهدئة، وسط تأكيدات من مصادر مصرية أن القاهرة تعمل وفق خطة متدرجة تهدف إلى تثبيت الهدنة والانتقال لاحقا إلى مرحلة أكثر استقرارا تشمل الملفات الأمنية والإدارية.
وقال مصدر مصري إن المحادثات الجارية تركز في مرحلتها الأولى على التفاهم بشأن الترتيبات الأمنية في غزة قبل الانتقال إلى الجوانب السياسية، مشيرا إلى أن القاهرة تسعى بخطوات محسوبة نحو اتفاق أولي يضمن مشاركة السلطة الفلسطينية عبر لجنة إسناد مشتركة، تمهيدا لتوسيع الدور الفلسطيني في إدارة القطاع.
وأضاف المصدر أن الطريق لا يزال طويلا نحو توافق نهائي، لكن مصر تعمل على مسارات متوازية تشمل تنسيقا مع الولايات المتحدة ودول عربية مؤثرة لتجاوز أي عقبات قد تؤخر تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق.
وفي السياق ذاته، ذكرت قناة القاهرة الإخبارية أن رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد عقد لقاء مع حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، بحضور رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، لمناقشة سبل تثبيت وقف إطلاق النار ودعم التفاهمات بين الفصائل.
كما شهدت القاهرة لقاء بين وفدي حركتي فتح وحماس لبحث المشهد الفلسطيني وترتيبات ما بعد الحرب، بمشاركة ممثلين عن الجهاد الإسلامي والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
وتستند المرحلة الثانية من الاتفاق، وفق مسودة الخطة الأميركية، إلى نزع سلاح حركة حماس وتشكيل لجنة فلسطينية تكنوقراطية تتولى إدارة الشؤون المدنية والخدمات في غزة بإشراف هيئة دولية تسمى مجلس السلام، إلى جانب نشر قوات مراقبة متعددة الجنسيات لضمان تنفيذ الترتيبات الأمنية.
وتستعد القاهرة في الوقت ذاته لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة منتصف نوفمبر المقبل، في خطوة تهدف إلى توحيد الجهود الإنسانية والإغاثية بعد أشهر من الدمار الواسع.
ومن جانبه، أكد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس، أن الولايات المتحدة ملتزمة بنزع سلاح حماس وإعادة إعمار غزة بما يضمن عدم عودة التهديدات ضد إسرائيل، واصفا المهمة بأنها «صعبة ومعقدة لكنها ضرورية لتحقيق الاستقرار».
ويرى خبراء أن التحركات المصرية تمثل امتداداً لدور القاهرة التقليدي في رعاية الحوار الفلسطيني – الفلسطيني، فيما دعا أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي الفصائل إلى التجاوب مع المبادرة المصرية لتفويت الفرصة على إسرائيل التي قد تبحث عن ذرائع لتجميد المرحلة الثانية.
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، فاعتبر اللقاءات الجارية “فرصة لترسيخ الوحدة الفلسطينية حول إدارة القطاع وتعزيز الدور الوطني في مواجهة الضغوط الخارجية”، مشيداً بالجهود المصرية المستمرة لتثبيت الهدنة ودفع العملية السياسية إلى الأمام.
ويُتوقع أن تتكثف خلال الأيام المقبلة الاتصالات الإقليمية والدولية بين القاهرة وواشنطن والدوحة وأنقرة، لضمان تنفيذ بنود الاتفاق وتحصينه من أي انتكاسة ميدانية، تمهيدا لإطلاق مرحلة جديدة قد تعيد رسم المشهد السياسي في غزة والمنطقة بأكملها.
مصر تُلقي القبض على بلوغر شهير بتهم غسل الأموال وانتهاك الآداب العامة
