تحولت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غربي السودان، إلى رمز جديد لمأساة إنسانية تتفاقم يوما بعد آخر، بعد إعلان الجيش السوداني انسحابه من المدينة إثر معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع التي تحاصرها منذ أشهر.
وفي خطاب متلفز مساء أمس الاثنين، أقر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بأن المدينة “تعرضت لدمار واسع وقتل ممنهج للمدنيين”، متوعدا باستعادة السيطرة ومؤكدا أن “الجيش قادر على استرجاع كل أرض دنّسها الخونة”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي تخوض معه حربا مدمّرة منذ نحو عامين.
ومن جانبها، أعلنت قوات الدعم السريع أنها “تواصل عمليات تمشيط مدينة الفاشر” وأنها تقضي على “آخر جيوب الجيش والمقاومة الشعبية”، من دون تعليق مباشر على تصريحات البرهان.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تصدرت الفاشر واجهة النقاش العربي، إذ انتشرت وسوم مثل #الفاشر_تموت_جوعا و#أنقذوا_الفاشر و#الفاشر_تتعرض_للإبادة، مرفقة بصور وتسجيلات مروّعة توثق ما وصفه ناشطون بأنه “موت بطيء لمدينة محاصرة بلا غذاء ولا دواء”.
وكتب بعض المستخدمين أن الأهالي “يموتون في الشوارع جوعا أو برصاص الميليشيات”، بينما أشار آخرون إلى أن الخروج من المدينة أصبح شبه مستحيل بسبب إغلاق كل طرق الإمداد وغياب الممرات الإنسانية.
وحازت التطورات الميدانية في الفاشر اهتماما واسعا في القنوات والصحف العربية، حيث وصفت قناة القاهرة الإخبارية ما يجري بأنه “تطهير عرقي منظم” ضد سكان المدينة، فيما بثّت قناة الجزيرة مشاهد “تفيض بالعنف والدمار”، مؤكدة وقوع “إعدامات ميدانية بحق مدنيين” على أيدي عناصر الدعم السريع.
وترافق ذلك مع حملة تضامن فنية وإعلامية عربية، إذ دعا الممثل أحمد ماهر إلى “إنقاذ الفاشر التي تعاني من العطش والجوع والمرض”، بينما وصف الفنان فتوح أحمد ما يجري بأنه “أعظم مأساة إنسانية في عالم اليوم”، مطالبا بتغطية دولية مماثلة لتلك التي حظيت بها مأساة غزة.
كما عبّر فنانون آخرون مثل ضياء الميرغني ومحمد الصاوي عن تضامنهم، فيما كتب لاعب كرة القدم الإيراني أحمد باسي على منصة “إكس” أن “الفاشر تُباد في صمت والعالم غافل”، داعيًا إلى تدخل عاجل لإنقاذ المدنيين.
وفي ظل استمرار القتال، أعلنت منظمة الهجرة الدولية أن أكثر من 26 ألف شخص فروا من المدينة خلال يومين فقط، محذرة من أن الأرقام مرشحة للارتفاع بسبب انعدام الأمن.
كما أكدت منظمات محلية وصول أكثر من 1100 نازح جديد إلى منطقة طويلة في شمال دارفور خلال الساعات الأخيرة.
وتعيش آلاف الأسر داخل المدينة المحاصرة أوضاعًا مأساوية نتيجة انقطاع المياه والغذاء والدواء، فيما تتحدث مصادر محلية عن مجاعة وشيكة تهدد حياة الأطفال وكبار السن، في ظل منع دخول المساعدات الإنسانية منذ مايو 2024.
السودان يعتزم اتخاذ إجراءات قانونية لضبط الوجود الأجنبي
