منظمة العفو الدولية قالت إنها وثقت حالات اغتصاب جماعي واستعباد جنسي ترقى إلى جرائم حرب ارتكبتها قوات الدعم السريع في أربع ولايات سودانية.
وأكدت المنظمة في تقرير جديد بعنوان “لقد اغتصبونا جميعًا: العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في السودان”، أنها وثقت 36 حالة اغتصاب جماعي لفتيات ونساء، بعضهن لا يتجاوزن 15 عاماً.
وقد شملت الانتهاكات حالات اغتصاب لأمهات أمام أطفالهن، بالإضافة إلى حالات استعباد جنسي لنساء تم احتجازهن لمدة تصل إلى 30 يوماً في ظروف قاسية.
وأضاف التقرير أن الضحايا تعرضن أيضاً للتعذيب باستخدام السوائل الساخنة والشفرات الحادة، كما تم قتل بعضهن.
وأوضحت العفو الدولية أن قوات الدعم السريع كانت تستخدم العنف الجنسي بشكل متكرر لفرض سيطرتها على المجتمعات المحلية وإذلال المدنيين، مشيرة إلى أن الجنود لم يكونوا يخشون إخفاء جرائمهم، بل ارتكبوها أمام شهود وعلناً.
وقال التقرير إن قوات الدعم السريع نفذت هذه الاعتداءات في عدة مناطق، بما في ذلك الخرطوم ونيالا وجنوب دارفور، حيث شهدت النساء تعرضهن للاغتصاب الجماعي على يد الجنود.
وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 30 شخصاً، معظمهم من الضحايا وأسرهم الذين لجأوا إلى مخيمات اللاجئين في أوغندا، وقد أكد جميعهم أن قوات الدعم السريع هي الجناة في هذه الجرائم.
وأفادت المنظمة أن الحالات التي وثقتها في التقرير بين اللاجئين تمثل فقط جزءاً ضئيلاً من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع خلال النزاع.
وفي تفاصيل أخرى، نقل التقرير شهادات لنساء تعرضن للاغتصاب أمام أفراد عائلاتهن، مما ألحق بهن أضراراً جسدية ونفسية جسيمة، وفي إحدى الحالات، تم اغتصاب امرأة في الخرطوم بحري على يد 13 جندياً، الذين اختطفوها وأجبروها على علاج جرحى من مقاتليهم، قبل أن يعتدوا عليها جماعياً.
وكانت العديد من الضحايا قد تعرضن للإغتصاب بسبب اشتباه الجنود في علاقتهن بالجيش السوداني، فيما أفادت بعض العاملات في المجال الطبي أن الجنود اغتصبوهن بعد فشلهن في إنقاذ الجرحى من مقاتليهم.
كما أفاد التقرير بأن العديد من الضحايا حاولن مقاومة الاعتداءات الجنسية، لكنهن تعرضن للضرب المبرح والتعذيب، وفي بعض الحالات قُتل من حاولوا الدفاع عنهن، وأشار التقرير إلى أن الأطفال الذين شهدوا اغتصاب أقاربهم يعانون من صدمات نفسية عميقة، مثل الكوابيس والآلام النفسية المستمرة.
وفيما يتعلق بالرعاية الصحية، أكدت العفو الدولية أن الضحايا لم يحصلن على الدعم الطبي الكافي بعد تعرضهن لهذه الاعتداءات، بسبب استمرار القتال والخوف من الوصم أو الانتقام.
وأفادت المنظمة أن العديد من الضحايا يعانين من آلام في الكلى، وصعوبة في المشي، واضطرابات في الدورة الشهرية، بالإضافة إلى مشاكل نفسية طويلة الأمد نتيجة للصدمات التي تعرضن لها.
وأشار التقرير إلى أن استجابة العالم لهذه الانتهاكات كانت “مخزية”، حيث لم يتم تقديم العدالة أو الرعاية الصحية اللازمة للضحايا في الوقت المناسب، كما لفت إلى أن الضحايا يعانين من عدم الوصول إلى العلاج الطبي، لا سيما في ظل التخفيضات في البرامج الإنسانية الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مما يساهم في تقليل فرص الحصول على الرعاية الصحية الشاملة.
وفيما يتعلق بالعلاج القانوني، طالبت منظمات نسوية بإلغاء القيود المفروضة على حقوق الضحايا في الحصول على العلاج، بما في ذلك الإجهاض في حال تعرضهن للاغتصاب، مشيرة إلى أن القانون السوداني يمنع الإجهاض إلا في حالات محدودة، مثل الحفاظ على حياة الأم أو في حال كان الحمل ناتجاً عن اغتصاب.
وقالت العفو الدولية إن “الاعتداءات التي نفذتها قوات الدعم السريع على النساء والفتيات تعتبر مقززة ومنحطة”، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك فوراً لوقف هذه الفظائع.
وأكدت المنظمة أن هذه الهجمات على المدنيين تستوجب محاسبة الجناة، بمن فيهم قادة قوات الدعم السريع الذين يتحملون المسؤولية عن ارتكاب هذه الجرائم.
وأضافت العفو الدولية أن أي دولة تدعم قوات الدعم السريع، بما في ذلك تزويدها بالأسلحة، تشاركها هذا العار.
وفي النهاية، أشار التقرير إلى أن محكمة العدل الدولية ستنظر في شكوى قدمها السودان ضد الإمارات حول تورطها في جرائم إبادة جماعية ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد عرقية المساليت في غرب دارفور.