22 نوفمبر 2024

تشكل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا تحد عميق بالنسبة للتعاون الإفريقي عموما، فالخلافات بين البلدين التي تفاقمت بشأن أرض الصومال، تتفاعل بشكل سريع وتؤثر على كافة دول المنطقة.

وتضاف هذه الخلافات إلى جملة من التوترات السياسية التي تعصف بالقرن الإفريقي، في وقت تحتاج فيه العلاقات في تلك الدول إلى تنسيق جديد لمواجهة المخاطر الأمنية في السودان أو الغذائية أو حتى المائية نتيجة الخلافات بشأن اقتسام مياه النيل.

واتهم الصومال إثيوبيا في وقت سابق بمحاولة عرقلة مشاركة وفده في قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، معتبرا ذلك خرقا للبروتوكولات الدولية ومحاولة لعزله عن المشاركة السياسية وعرض وجهة نظره في الخلافات بينه وبين إثيوبيا، حيث تواجه منطقة القرن الإفريقي تحديات دبلوماسية وأمنية متزايدة عقب توقيع إثيوبيا اتفاقًا مع إقليم أرض الصومال، يمنحها منفذا بحريا على ميناء بربرة ويعترف بالإقليم كدولة مستقلة، وأثارت هذه الخطوة ردود فعل قوية في مقديشو التي تعتبر الإقليم جزءا لا يتجزأ من أراضيها، وأدت إلى توترات سياسية ودبلوماسية مع مصر والاتحاد الإفريقي وغيرهما من الأطراف الدولية.

أرض الصومال التي أعلنت انفصالها في 1991 ولم تحصل على اعتراف دولي، تسعى للاعتراف بها كدولة مستقلة عبر هذه الاتفاقية، في حين تعاني الحكومة الصومالية من عدم قدرتها على فرض سيطرتها على الإقليم، ورفضت في نفس الوقت أي وساطة دون انسحاب إثيوبيا من الاتفاق، مؤكدة على معارضتها لأي انتهاكات لسيادتها ووحدة أراضيها، وحصلت على دعم لموقفها من جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، اللذين دعيا إلى احترام وحدة الصومال وسيادته.

وكان المجلس الوزاري الصومالي أصدر قرارا يلغي مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وإقليم “أرض الصومال” الانفصالي، بشأن تحقيق التطلعات الإثيوبية نحو الوصول إلى البحر الأحمر، كما ينص القرار على رفض الحكومة الفيدرالية الصومالية مذكرة التفاهم والتعاون بين إثيوبيا والإقليم، مؤكدة أنه جزء من الصومال، وفق القوانين المحلية والأعراف الدولية والإقليمية.


وأثرت هذه الأزمة على القارة الإفريقية عموما، فدعا الاتحاد الإفريقي إلى احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه، وحذرت مصر من أن إثيوبيا باتت مصدرا لبث الاضطراب في المنطقة، ويُظهر الاهتمام الدولي بالأزمة أهمية استقرار منطقة القرن الإفريقي على مجمل الأمن الإقليمي والعالمي، ومن جانبها أعربت مصر عن قلقها بشأن الاتفاق، مؤكدة على ضرورة احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيه، وأصدرت الخارجية المصرية بيانا يندد بالاتفاق، معتبرة إثيوبيا مصدرا لزعزعة الاستقرار في المحيط الإقليمي، وشددت على أهمية التزام جميع الأطراف بالقوانين الدولية التي تحمي سيادة الدول ووحدة أراضيها.

وتشير المواقف الصادرة عن كافة الأطراف الإقليمية أن الأزمة لن تنحسر نتائجها على الصومال وإثيوبيا فقط، فهناك مخاوف من امتدادها لتشمل تأثيرات على استقرار القرن الإفريقي بأكمله، فالاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال حسب بعض الخبراء يحمل مخاطر سباق تسلح وزيادة التدخلات الأجنبية، مما يعرض للخطر الجهود الرامية إلى التنمية والسلام الإقليميين.

عمليا فإن الموقف الدولي ترك الأزمة ضمن الساحة الإفريقية فأكد على أهمية استقرار منطقة القرن الإفريقي لضمان الأمن الإقليمي، بينما دعت الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية أخرى للتدخل والمساعدة في حل الأزمة بما يحفظ حقوق الصومال ويؤكد على أهمية الحفاظ على وحدة أراضي الدول الأعضاء.

ووفق مسار هذه الأزمة فإنها تشكل نقطة تحول محتملة في العلاقات داخل القرن الإفريقي، وتؤثر أيضا على كافة المسارات الدبلوماسية الأخرى التي تحاول حل مسائل مشابهة، وربما أكثر حدة مثل الحرب الدائرة في السودان، فالتوترات وإن بدت محدودة بين دولتين لكن تداعياتها تطال كامل الإقليم وما يرتبط به من أمور سياسية أو أمنية.

بقلم مازن بلال

 

 

قادة مصر والأردن وفرنسا ينشرون مقالاً مشتركاً حول غزة

اقرأ المزيد