13 ديسمبر 2025

تعيش ليبيا واقعاً مزدوجاً يعكس التباين الكبير بين مناطقها، إذ يتميز الشرق الليبي بالاستقرار الأمني والنشاط الاقتصادي والحياة الاجتماعية المنظمة، في حين تواجه العاصمة طرابلس تحديات كبيرة على مختلف الأصعدة. هذا الانقسام بين شرق البلاد وغربها يعكس الفوارق في إدارة الشؤون المحلية وقدرة السلطات على فرض النظام وتحقيق التنمية.

الجانب الأمني:

شهدت مدن الشرق الليبي خلال السنوات الأخيرة تحسناً ملحوظاً في الوضع الأمني، إذ تمكنت السلطات المحلية بقيادة خليفة حفتر من فرض النظام ومكافحة المظاهر الخارجة عن القانون، مثل التهريب والسرقات والتجمعات المسلحة غير المنضبطة. هذا الاستقرار الأمني ساهم في شعور السكان بالأمان، وجذب رجال الأعمال والمستثمرين إلى المنطقة.

الجانب الاقتصادي:

اقتصاد الشرق الليبي يشهد ديناميكية واضحة، خاصة في مجالات النفط والغاز والزراعة والتجارة. فالموانئ والمرافق النفطية تعمل بشكل منتظم، مما يضمن تدفق الإيرادات الضرورية لخدمة المجتمع المحلي. كما ساهمت المشاريع الاستثمارية الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى المعيشة لسكان المنطقة.

الجانب الاجتماعي:

على الصعيد الاجتماعي، تتميز مدن الشرق بالالتزام بالمبادرات المجتمعية التي تعزز التعاون بين المواطنين، وتنمية الثقافة المحلية، وتشجيع التعليم والصحة العامة. الفعاليات الثقافية والمهرجانات المحلية تُنظم بانتظام، مما يعكس نشاط الحياة الاجتماعية وحرص السكان على تعزيز الروابط المجتمعية.

وعلي الجانب الآخر، تعيش طرابلس، العاصمة الليبية، واقعاً متأزماً على الصعيد الأمني والاقتصادي والاجتماعي، حيث أثرت التحديات المستمرة على حياة المواطنين واستقرار المدينة. تشهد المنطقة ارتفاعاً في معدلات الجريمة والفلتان الأمني، إلى جانب تراجع الخدمات الأساسية، وضعف الاستقرار الاقتصادي، ما يعكس صعوبة إدارة شؤون العاصمة تحت حكومة الدبيبة.

الواقع الأمني في طرابلس يشوبه الفوضى، مع استمرار وجود ميليشيات مسلحة تتصرف خارج إطار الدولة، وانتشار أعمال السرقة والخطف، وهو ما يثير المخاوف بين المواطنين ويحد من حركتهم اليومية بحرية. ضعف سيطرة الحكومة على الميليشيات المحلية والاحتكاكات المسلحة بين الفصائل ساهمت في تعزيز حالة الانفلات الأمني.

وكما تعاني طرابلس من أزمات اقتصادية حادة، أبرزها تأخر الرواتب، ارتفاع الأسعار، وتراجع قيمة العملة المحلية. المشاريع الاقتصادية الكبرى تتعرض للتأجيل أو الإلغاء بسبب عدم الاستقرار السياسي، فيما يواجه المستثمرون صعوبة في العمل وسط بيئة غير مستقرة، مما يعيق فرص التنمية ويزيد من معدلات البطالة.

وعلى الصعيد الاجتماعي، تسببت الظروف الاقتصادية والأمنية في تراجع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية، وظهور فجوات اجتماعية واسعة بين مختلف شرائح السكان. كما أن الفوضى المستمرة دفعت العديد من المواطنين إلى الهجرة أو الاعتماد على الدعم الإنساني لتأمين احتياجاتهم الأساسية، ما يزيد من هشاشة المجتمع المحلي.

بينما يقدم الشرق الليبي نموذجاً للاستقرار والأمن والتنمية، يظل الواقع في طرابلس مرهوناً بتحديات أمنية واقتصادية واجتماعية صعبة، تتطلب جهوداً حقيقية لإعادة السيطرة على الفوضى وتحسين حياة المواطنين. هذا التباين يسلط الضوء على أهمية السياسات المستدامة والمؤسساتية لتحقيق استقرار شامل في كامل أنحاء ليبيا.

خاص .. أخبار شمال إفريقيا 

صحيفة.. قائد تشادي متمرد وراء الاشتباكات في منطقة القطرون الليبية

اقرأ المزيد