تقرير صادر عن مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة في جامعة ييل الأميركية، كشف عن ارتفاع حاد في معدلات الوفيات بمدينة الفاشر السودانية، موثقا اكتشاف 727 مقبرة جديدة خلال الفترة الممتدة من 9 مايو إلى 5 أغسطس الجاري.
ووفقا لتحليل صور الأقمار الاصطناعية، توزعت المقابر الجديدة بين 378 مقبرة في مناطق مدنية، معظمها داخل مخيم أبو شوك للنازحين وبالقرب من السوق الكبير، و349 مقبرة أخرى في مواقع عسكرية تتبع القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة وقوات الدعم السريع، في مؤشر على تصاعد حدة النزاع والخسائر البشرية.
وأكد التقرير أن قوات الدعم السريع تفرض حصارا كاملا على الفاشر، وتسيطر على جميع الطرق المؤدية إليها، مما أدى إلى عزل المدينة بالكامل عن محيطها الخارجي.
وأظهرت الصور أن المدنيين لا يستطيعون مغادرة المدينة إلا عبر نقطة تفتيش ضيقة لا يتجاوز عرضها 50 مترا، حيث يواجهون انتهاكات جسيمة شملت السرقة، الابتزاز، الرشوة، وفي بعض الحالات القتل خارج نطاق القانون.
كما أشار التقرير إلى وجود حواجز ترابية طويلة شمال المدينة، تمتد لأكثر من 6 كيلومترات، تحتوي على ممر عبور واحد فقط، ما يعكس فرض سيطرة عسكرية صارمة على تحركات السكان المدنيين، تحت ذرائع تتعلق بالبحث عن عناصر من الجيش.
وحذر تقرير “ييل” من استهداف مباشر لمنشآت مدنية من قِبل أطراف النزاع منذ يونيو الماضي، بما في ذلك سوقان، ثلاث مدارس، ومسجدان، بعضها كان يُستخدم كملاجئ للنازحين أو كمطابخ مجتمعية، في خرق واضح للقانون الإنساني الدولي.
كما أشار التقرير إلى تدهور خطير في الوضع الإنساني داخل المدينة، مع نقص حاد في الغذاء والماء أدى إلى إغلاق غرف الطوارئ والمطابخ المجتمعية.
ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الانزلاق نحو كارثة أكبر، مطالبًا بإجراءات فورية لفتح ممرات آمنة، ووقف القتال، وإغاثة السكان قبل فوات الأوان.
وفي ختام التقرير، اعتبر مختبر البحوث الإنسانية أن الوضع في الفاشر بلغ مستوى الانهيار الكامل في الأمن الإنساني، مؤكدًا أن المدنيين لم يعودوا قادرين على البقاء في المدينة تحت ظروف القصف، الحصار، والانتهاكات الواسعة.
وفي سياق متصل، اتهمت جهات حقوقية، من بينها مجموعة محامي الطوارئ، قوات الدعم السريع بقتل 14 مدنيا في منطقة قرني شمال غرب الفاشر في 31 يوليو، وهي اتهامات نفتها القوات بشكل رسمي.
وفي المقابل، نفى أعضاء في تحالف تأسيس وجود أي حصار، مؤكدين أن الخروج من المدينة لا يزال ممكنا.
كما وجه الهادي إدريس، حاكم إقليم دارفور، نداء مصورا دعا فيه المدنيين إلى المغادرة عبر البوابة الشمالية الغربية، متعهدا بتوفير الحماية اللازمة.
السودان.. عودة عشرات المصانع للاستثمار والإنتاج في الخرطوم بعد الخراب
