في تطور ميداني خطير يعكس تصاعد الاشتباكات في السودان، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقتي أم صميمة وأم سيالة بشمال وغرب ولاية شمال كردفان، بعد معارك شرسة مع الجيش السوداني وقوات متحالفة معه، ما يعيد الاضطرابات إلى الإقليم بعد أشهر من الهدوء النسبي.
وذكرت قوات الدعم السريع في بيان رسمي أنها استولت على معدات عسكرية ضخمة، من بينها عشرات العربات القتالية وأسلحة وذخائر، مشيرة إلى استمرار عمليات التمشيط.
كما نشرت تسجيلات مصورة تزعم أنها توثق استسلام جنود من الجيش وأسرى من الطرف المقابل، إلى جانب إسقاط طائرة مسيّرة من طراز “إكنجي” في المحور الشمالي لأم صميمة.
وبالتوازي مع هذه التطورات، تعيش مدينة الفاشر – عاصمة ولاية شمال دارفور – واحدة من أعنف مراحل الصراع، حيث تواصلت الاشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع” على المحور الجنوبي، وسط تقدم ميداني للأخيرة في عدد من المحاور، ما دفع مسؤولين إلى إطلاق تحذيرات من انهيار الوضع الإنساني كليًا.
وفي سياق متصل، دعا عضو المجلس الرئاسي ورئيس تجمع قوى تحرير السودان، الطاهر أبو بكر حجر، سكان الفاشر إلى مغادرة المدينة فورا، محذرا من أن بقائهم بات يشكل “مخاطرة حقيقية” في ظل استخدام المدنيين كدروع بشرية من قبل أطراف في النزاع، بحسب تعبيره.
ومن جانبه، أكد عضو المجلس الرئاسي وحاكم إقليم دارفور المعين من حكومة “تأسيس”، الهادي إدريس، أن الفاشر أصبحت منطقة عمليات عسكرية مغلقة أمام المنظمات الإنسانية. ووجّه نداء عاجلًا للسكان بالتوجه نحو منطقة “قرني” شمال غرب المدينة، حيث تنتشر قواته لتأمين المدنيين ونقلهم إلى مناطق أكثر أمانا مثل كورما، التي تبعد نحو 330 كيلومترًا وتستضيف بالفعل أعدادا من النازحين.
وبينما يتصاعد النزوح الجماعي، أوردت “منظمة مناصرة ضحايا دارفور” أن ما لا يقل عن 890 أسرة فرّت إلى معسكر “أبو شوك” منذ يونيو الماضي، وسط ظروف توصف بـ “الكارثية”، تشمل نقصا حادا في الغذاء والمياه والرعاية الصحية، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من مليوني مدني فرّوا من مدينة الفاشر ومناطقها المجاورة منذ بدء التصعيد.
ورغم دعوات الخروج، تحدث شهود ومصادر محلية عن قيام قوات الجيش والقوة المشتركة بإغلاق بوابات المدينة، ومنع المدنيين من المغادرة، خصوصا عبر بوابة “شالا”، حيث أُجبرت عائلات على العودة رغم محاولاتها الهرب من مناطق القتال.
وفي المقابل، دعا والي شمال دارفور الموالي للجيش، الحافظ بخيت محمد، سكان الفاشر إلى البقاء، واعدا بتوفير مساعدات عبر “التكايا”، وهو ما اعتبره نشطاء محاولة لإبقاء المدنيين ضمن دائرة الاشتباكات واستخدامهم كورقة ضغط سياسي وعسكري، لا سيما مع الانهيار الكامل في الخدمات وندرة المواد الغذائية الأساسية.
وتفيد التقارير بأن الأسواق داخل الفاشر مغلقة بشكل كامل، بينما اختفت سلع رئيسية كالدخن والذرة، في حين بدأت كميات “الأمباز” – بقايا الفول والسمسم – بالنفاد، وهو ما يُهدد بانفجار مجاعة وشيكة.
كارثة إنسانية في دارفور: وفاة 73 طفلاً و20 مسناً جراء الجوع بعد فرارهم من مخيم أبو شوك
