كشفت صحيفة بريطانية، في تحقيق استقصائي، أن أكثر من 1500 مدني لقوا مصرعهم في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم في شمال دارفور، معتبرةً الهجوم “ثاني أكبر جريمة حرب تُرتكب منذ اندلاع الصراع في السودان”.
وبحسب التحقيق، استمر الهجوم المروّع مدة 72 ساعة، بين 11 و14 أبريل 2024، وتضمّن إعدامات جماعية، وعمليات اختطاف واسعة النطاق، ولا يزال المئات من سكان المخيم في عداد المفقودين حتى الآن.
ويُعدّ مخيم زمزم أكبر تجمع للنازحين في السودان، وتقدّر أعداد القتلى فيه بما يفوق بكثير الأرقام الأولية التي تحدثت عن مقتل نحو 400 شخص، في حين كانت الأمم المتحدة قد أكدت سابقاً أن “المئات” قُتلوا، إلا أن لجنة محلية معنية بالتحقيق في المجزرة، أحصت حتى الآن أكثر من 1500 ضحية.
وفقاً لما أعلنه محمد شريف، عضو اللجنة ومن الإدارة السابقة للمخيم، والذي أشار إلى أن “العدد النهائي سيكون أعلى بكثير، إذ لا تزال الجثث متناثرة داخل المنازل، وفي الحقول، وعلى الطرق”.
وفي شهادة لخبير متخصص في الجرائم البشعة، يمتلك خبرة طويلة في دارفور ورفض الكشف عن اسمه للصحيفة، أوضح أن عدد القتلى قد يبلغ 2000، بناءً على مقابلات أجراها مع عشرات الناجين من الهجوم.
وقال: “مستويات العنف التي حدثت في زمزم كانت مروّعة حتى مقارنة بمجازر الإبادة الجماعية التي تعرّضت لها المجموعات الإفريقية في دارفور خلال العقد الأول من الألفية”، وأضاف: “كل شهادة ممن فروا من المخيم تتضمّن ذكر أحد أفراد الأسرة الذين قُتلوا، هذا أمر لم أعهده من قبل”.
ومن جهته، قال عبد الله أبوغردة، من جمعية الشتات الدارفوري في المملكة المتحدة، إن نحو 4500 من أعضاء الجمعية “يعرفون شخصاً أو قريباً قُتل في الهجوم”، وأوضح أن 2000 من سكان زمزم لا يزالون مفقودين، واصفاً المجزرة بأنها “واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ العالمي الحديث”، وسط غياب واضح لأي رد فعل دولي يتناسب مع فداحة الحدث.
وفي السياق نفسه، حذرت نائبة رئيس قسم الطوارئ في منظمة “أطباء بلا حدود”، كلير نيكولي، من أن الهجوم استهدف “إحدى أكثر الفئات ضعفاً على وجه الأرض”، وأكدت أن الناجين تعرّضوا لعمليات نهب واسعة، وعنف جنسي، وهجمات أثناء تنقّلهم، فضلاً عن ظروف معيشية مروّعة في مواقع النزوح المؤقتة.
كما أكد التحقيق وقوع حالات اختطاف واسعة، خاصة في صفوف النساء، ولا تزال غالبيتهن مجهولات المصير، وذكر محمد شريف أن اللجنة تمتلك معلومات عن أكثر من 20 امرأة نُقلن إلى مدينة نيالا، التي تُعدّ المعقل الرئيسي لقوات الدعم السريع، وتقع على بُعد نحو 160 كيلومتراً من موقع الهجوم.
ويأتي هذا التحقيق ضمن سلسلة من التقارير الحقوقية والإنسانية التي توثّق الانتهاكات الجسيمة المستمرة في السودان منذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط مطالبات متزايدة بإجراء تحقيق دولي مستقل ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
تغييرات وزارية مرتقبة في السودان بعد إقالة وزيري الخارجية والأوقاف
