05 ديسمبر 2025

“الذهب الأخضر” في ليبيا يواجه تحديات الجفاف وارتفاع التكاليف، ورغم نمو الصادرات 26% ووصولها 5.2 مليون دولار عام 2024، يطالب خبراء بدعم عاجل لإنقاذ القطاع الحيوي الذي ينتج 18 ألف طن هذا الموسم ويوفر آلاف الوظائف.

مع نهاية شهر أكتوبر من كل عام، تدخل ليبيا موسم جني ثمار الزيتون، الذي يُعد أحد أهم الثروات الزراعية وأكثرها ارتباطاً بالهوية والمائدة الليبية والإقليمية. ويشهد القطاع حالياً لحظة مفصلية، يجتمع فيها الإمكانات الكبيرة مع تحديات ملموسة تهدد مستقبله.

ويواجه قطاع الزيتون، الذي يصفه الليبيون بـ”الذهب الأخضر”، تحديات متراكمة تتراوح بين موجات الجفاف وارتفاع تكاليف الإنتاج، وفقاً لمزارعين وخبراء اقتصاد.

ويحذر هؤلاء من تراجع العائد وفرص النمو ما لم يتم تفعيل حزمة دعم حكومية عاجلة، لإنقاذ قطاع يُعوّل عليه كرافعة للاقتصاد الوطني.

وبلغت قيمة صادرات ليبيا من زيت الزيتون في عام 2024 حوالي 5.2 مليون دولار، مسجلةً معدل نمو بلغ 26% خلال الفترة من 2020 إلى 2024، وفقاً لبيان سابق لهيئة تنمية الصادرات الليبية.

ومن مدينة بني وليد، إحدى أشهر المدن الليبية في إنتاج الزيتون، قال المستشار موسى علي الغويل إن المدينة ارتبط اسمها منذ القدم بزراعة الزيتون، حتى أصبح واديها يُعرف بوادي الزيتون، حيث تعود بعض أشجارها إلى أكثر من 300 عام.

وأوضح الغويل أن الموسم الحالي يمثل بداية لحصد قيمة اقتصادية وغذائية كبيرة، مشيراً إلى أن سعر لتر زيت الزيتون يتراوح حالياً بين 25 و30 ديناراً ليبياً.

كما قدّر الإنتاج الوطني لهذا الموسم بنحو 18 ألف طن من الزيت، مقارنة بنحو 15.5 ألف طن في الموسم السابق 2024-2025.

وبحسب الغويل، تتركز زراعة الزيتون في المنطقة الغربية من ليبيا، وتحديداً في مدن بني وليد وغريان وزليتن وأمسلاتة وترهونة وضواحي طرابلس.

فيما بدأت مناطق الجنوب تشهد في السنوات الأخيرة توسعاً ملحوظاً في زراعة الأشجار، نظراً لقيمتها الاقتصادية وقدرتها على التكيف مع الظروف المناخية.

ولفت إلى أن القطاع يواجه عدداً من التحديات، أبرزها التغيرات المناخية وتراجع الموارد المائية وموجات الجفاف، إضافة إلى ضعف البنية التحتية للصناعات التحويلية والتعبئة والتسويق، وهو ما يتطلب تدخلاً جاداً من الدولة.

من جانبه، أشار المحلل الاقتصادي خالد بوزعكوك إلى أن زيت الزيتون يعد من أهم الصادرات الليبية غير النفطية، وأن عدة شركات ليبية فازت بجوائز عالمية في معارض دولية متخصصة.

وأوضح بوزعكوك أن الإنتاج انخفض في فترات سابقة بسبب الإهمال والجفاف والزحف العمراني، لكن الفترة الأخيرة شهدت دوراً مهماً للقطاع الخاص، تمثل في استزراع عشرات الآلاف من أشجار الزيتون وإنشاء معاصر حديثة، مما ساهم في عودة الإنتاج للتقدم.

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الهادي عبد القادر أن زيت الزيتون في ليبيا يمثل ثروة اقتصادية حقيقية، ولقب “الذهب الأخضر” ليس مجرد شعار، بل يعكس القيمة الاقتصادية العالية للمنتج.

ودعا عبد القادر إلى العمل على عدة محاور لتحويل هذه الثروة إلى محرك اقتصادي ناجح، تشمل تطوير التعبئة والتغليف وإنشاء علامات تجارية مميزة، وفتح أسواق التصدير الدولية، وإنشاء مراكز أبحاث متخصصة.

وحذر من أن التحديات البيئية، وخاصة موجات الجفاف وتغير المناخ، تهدد الأساس نفسه لهذه الثروة، كون المزارع الفردي لا يملك الموارد الكافية لمواجهتها.

ويذكر أن زراعة الزيتون في ليبيا مرت بفترات من التهميش والإهمال بين ثمانينيات القرن الماضي وبداية الألفية، بسبب المردود البسيط مقابل الإنفاق، في وقت كان زيت الزيتون المستورد من السلع المدعومة.

ومع إلغاء الدعم الحكومي، تضاعف سعر اللتر، مما أعاد الاهتمام بهذه الشجرة.

وعالمياً، شهد الإنتاج من الزيتون تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفض من 3.42 مليون طن في 2021-2022 إلى 2.57 مليون طن في 2022-2023، بسبب موجات الحر والجفاف في الدول المنتجة الرئيسية، مما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار عالمياً.

تبقى ثروة الزيتون في ليبيا، رغم كل التحديات، قادرة على المنافسة إقليمياً وعالمياً، لكن شروط هذه المنافسة تمر عبر مواجهة التحديات وتبني رؤية استراتيجية واضحة لضمان استدامة “الذهب الأخضر”.

الجنائية الدولية: نقل نجيم إلى ليبيا خرق لالتزامات إيطاليا الدولية

اقرأ المزيد