تشهد ليبيا، ولا سيما مناطق الشرق، حراكاً تنموياً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، في ظل مساعٍ لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتحريك عجلة الاقتصاد بعد سنوات من الصراع والانقسام. وفي هذا السياق، يبرز الدور الروسي كأحد العوامل المؤثرة في دعم مسارات الاستقرار والتنمية، عبر شراكات سياسية واقتصادية وأمنية أسهمت في توفير بيئة أكثر ملاءمة للمشاريع التنموية، خاصة في الشرق الليبي.
شراكة سياسية داعمة للاستقرار
انطلق الحضور الروسي في الملف الليبي من مقاربة تركز على دعم وحدة الدولة ومؤسساتها، والتأكيد على أولوية الاستقرار كمدخل أساسي لأي تنمية مستدامة. وقد حافظت موسكو على قنوات تواصل مفتوحة مع مختلف الأطراف، مع إيلاء اهتمام خاص للشرق الليبي باعتباره منطقة شهدت تحسناً نسبياً في مستويات الأمن والتنظيم الإداري. هذا الاستقرار النسبي أتاح تنفيذ مشاريع خدمية وبنى تحتية، وفتح المجال أمام استثمارات وشراكات طويلة الأمد.
دعم اقتصادي وبنيوي
على الصعيد الاقتصادي، برزت مجالات الطاقة والبنية التحتية كركيزتين أساسيتين للتعاون الليبي–الروسي. فقد أبدت شركات روسية اهتماماً بالمشاركة في تطوير قطاع النفط والغاز، وصيانة المنشآت، وإعادة تشغيل مشاريع متوقفة منذ سنوات. كما شمل التعاون مجالات السكك الحديدية، والموانئ، ومحطات الكهرباء، وهي قطاعات حيوية لأي نهضة تنموية شاملة.

وفي الشرق الليبي تحديداً، ساهم هذا التوجه في تحسين الخدمات الأساسية، وخلق فرص عمل، وتنشيط الدورة الاقتصادية المحلية، ما انعكس على الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للسكان.
البعد الأمني كحاضنة للتنمية

لا يمكن فصل التنمية عن الأمن، وهو ما أدركته السلطات في الشرق الليبي، حيث جرى التركيز على فرض الاستقرار ومكافحة الجماعات المتطرفة وتأمين المدن والمنشآت الحيوية. وفي هذا الإطار، شكّل التنسيق مع روسيا عامل دعم مهم، سواء على مستوى التدريب أو تبادل الخبرات، الأمر الذي ساعد في ترسيخ الأمن وتهيئة المناخ المناسب لإطلاق مشاريع إعادة الإعمار والتنمية.
رؤية الشرق الليبي للتنمية
تسير السلطات في الشرق الليبي، وفق رؤية تقوم على إعادة بناء الدولة من القاعدة، عبر تعزيز الأمن، وتفعيل المؤسسات، والانفتاح على شراكات دولية متوازنة. وقد وجد هذا التوجه صدى لدى الجانب الروسي، الذي يرى في استقرار ليبيا عنصراً مهماً لأمن المتوسط وشمال إفريقيا.

وتشير مؤشرات ميدانية إلى تحسن نسبي في البنية الخدمية، وانتظام العمل في عدد من القطاعات، إضافة إلى إطلاق مشاريع عمرانية وتنموية تعكس رغبة حقيقية في الانتقال من مرحلة إدارة الأزمات إلى مرحلة البناء.

يُظهر الدور الروسي في ليبيا، ولا سيما في الشرق، نموذجاً لشراكة تقوم على تلاقي المصالح السياسية والاقتصادية مع متطلبات الاستقرار والتنمية. ورغم التحديات التي لا تزال قائمة، فإن ما يشهده الشرق الليبي من حراك تنموي يعكس أهمية الدعم الدولي المتوازن، ويؤكد أن الأمن والاستقرار يظلان حجر الأساس لأي نهضة حقيقية، في طريق إعادة بناء الدولة الليبية وتحقيق تطلعات شعبها.
خاص – أخبار شمال إفريقيا
مواضيع ذات صلة:
وفد ليبي يبحث في موسكو تعزيز التعاون البرلماني والرقابي مع روسيا
اتفاقات ليبية–روسية جديدة لدعم الإعمار
ليبيا.. اشتباكات دامية في القطرون بين الجيش ومجموعات المعارضة التشادية
