تشهد ليبيا جدلاً واسعاً بعد إعلان حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تفعيل نظام الكفيل الخاص لضبط منظومة العمالة في البلاد.
وأثار القرار ردود فعل متباينة وتساؤلات حول أهدافه، وما إذا كانت الحكومة تسعى للضغط على دول مثل مصر والمغرب، التي تُعتبر مصدراً رئيسياً للعمالة في ليبيا.
وأكد وزير العمل بحكومة الدبيبة، علي العابد، أن الوزارة ستعتمد نظام الكفيل الخاص وأن الشركات المحلية ستكون هي الكفيل الرسمي أمام الدولة الليبية للعمالة الأجنبية التي سيتم استجلابها عبر المنظومة الإلكترونية التي دشنتها الوزارة مؤخراً.
وقال العابد إن “هذه الخطوة ستسهم في تسهيل الإجراءات والقضاء على البيروقراطية بشأن ملف استجلاب العمالة من الخارج”.
ومع ذلك، لاقى القرار ردود فعل واستغراب من بعض الدول، خاصة مصر والمغرب، حيث اعتُبر نظام الكفيل تجربة فاشلة في دول الخليج، مما يثير التساؤلات حول جدوى تطبيقه في ليبيا.
وتساءل مراقبون من هدف الدبيبة من هذا القرار، هل هو تنظيم ملف العمالة، أم يضغط على دول بعينها مستغلا ملف العمالة.
وأوضح رئيس جمعية الصداقة الليبية المغربية، محمد حسن الواثق أن “توجه الحكومة الليبية نحو اعتماد نظام الكفيل الخاص لجلب العمالة الأجنبية، يطرح مجموعة من التحديات بالنسبة للمغاربة المقيمين في هذا البلد، الذين يواجهون مجموعة من الصعوبات الاقتصادية والإدارية المرتبطة بهذا القرار”.
وأشار الواثق إلى أن “نظام الكفيل هو عبودية من نوع خاص، خاصة وأن هذه التجربة أثبتت فشلها في العديد من الدول العربية”.
وبدوره، أكد وكيل وزارة العمل الليبية، عبد الهادي عمر سليمان القاضي، أن نظام الكفيل هو عملية تنظيمية تهدف إلى تنظيم دخول العامل عبر المنافذ الشرعية للدولة وحصر عدد العاملين، مما يضمن حقوق العمال في حالة تقاعس الكفيل في توفير الخدمات والمستحقات.
وأوضح القاضي أن النظام ليس عبودية مقننة كما يُشاع، بل يضمن حقوق العمال كما حدث في قضايا سابقة حكمت لصالحهم، حسب قوله.
وأشار القاضي إلى أن القرار قد يؤثر على عدد العمالة بسبب فرض الرسوم والضرائب، لكن في ظل وجود حكومتين والانقسام السياسي الحالي، فإن نجاح القرار وتطبيقه قد يكون متوسطاً، مؤكداً أن ليبيا بحاجة إلى تقنين العمالة وضبط تواجدها لضمان حقوقهم وتوفير الرعاية لهم.
ورأى عضو لجنة التشريعات بمجلس النواب الليبي، صالح فحيمة، أن نظام الكفيل إذا تم تطبيقه بطريقة جيدة دون استغلال، فإنه سيعود بالنفع على الجميع، لكنه حذر من أن التوجهات السياسية قد تجعل العمالة تنتقل بين مناطق نفوذ الحكومتين المختلفتين، مشدداً على ضرورة التوافق في مثل هذه القرارات التي تتعلق بالسيادة والأمن القومي.
ومن جهته، أشار عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة، إلى أن ليبيا باتت مسرحاً للعمالة من كل الدول، وفي ظل غياب التشريعات كان لزاماً على الحكومة محاولة تنظيم تشغيل هؤلاء العمال بشتى الطرق.
وأكد همومة أن وجود كفيل يتحمل المسؤولية الاجتماعية والإدارية أمام الدولة وأمام سفارات الوافدين خطوة أولى في ظل الحكومة المؤقتة.
يذكر أن قرار تفعيل نظام الكفيل في ليبيا يثير تساؤلات حول أهدافه الحقيقية وتداعياته على العمالة الأجنبية، خاصة في ظل التجارب الفاشلة لنظام الكفيل في دول أخرى، ومع وجود انقسام سياسي في البلاد، يبقى نجاح تطبيق القرار وتأثيره على العمالة موضوعاً مفتوحاً للنقاش.
الأمطار تحوّل الصحراء الليبية إلى وديان وأنهار (صور)