05 ديسمبر 2025

رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، أعلن عن عودة حكومته إلى العاصمة الخرطوم بحلول نهاية أكتوبر المقبل، مؤكداً أن مطار الخرطوم سيستأنف نشاطه في غضون شهرين بعد انتهاء عمليات إعادة التأهيل والترميم.

وجاء ذلك خلال لقاء جمعه بعدد من الصحفيين السودانيين في مقر إقامة السفير السوداني بالقاهرة، امتد حتى الساعات الأولى من صباح الجمعة.

وأوضح إدريس أن عودة الحكومة إلى الخرطوم ستكون عودة نهائية، لكنه أشار إلى أن الوزارات لن تعود إلى مقارها السابقة وسط العاصمة، نتيجة الدمار الكبير الذي لحق بها، ولفت إلى أن هناك خطة لإعادة تخطيط تلك المنطقة، بما يشمل شارع النيل، باستخدام أحدث المعايير العالمية في التخطيط العمراني.

واشتكى إدريس مما وصفه بتغلغل “الطابور الخامس” داخل أجهزة الدولة، قائلاً إن تقاطعات القوى الداخلية والمعاكسات تمثل تحديات كبيرة، لكنها لن توقف جهود الحكومة في استعادة الاستقرار، وتطبيع الأوضاع، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.

وبخصوص التأخر في تشكيل حكومته رغم تكليفه منذ منتصف مايو الماضي، أوضح إدريس أن التأخير يعود إلى حرصه على اختيار وزراء من الكفاءات الوطنية المستقلة، بعد إجراء مقابلات شخصية معهم، وبيّن أن أداء كل وزير سيخضع للتقييم بعد مرور ثلاثة أشهر، ومن تقل نسبة أدائه عن 80% سيُستبدل.

ونفى رئيس الوزراء صحة المعلومات المتداولة بشأن توليه وزارة الخارجية مؤقتاً، مؤكّداً أن انشغاله بالقضايا الداخلية يمنعه من تولي هذه الحقيبة، وأشار إلى أن وزير الدولة بالخارجية عمر صديق يرافقه حالياً في زيارته إلى مصر، في إطار توزيع المهام داخل الحكومة، كما كشف عن عزمه تغيير وزير – لم يسمّه – بسبب عدم أدائه اليمين الدستورية، لكنه نفى ما تردد حول حمله لجنسية دولة معادية، مشدداً على أنه لا يحمل تلك الجنسية، وإن تم اتخاذ قرار بتغييره لأسباب تقديرية.

وأكد إدريس أن خروج المجموعات المسلحة من العاصمة تم بشكل سلس وبتنسيق كامل مع الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، نافياً وجود أي توترات مع تلك الحركات، مشيداً بأداء وزرائها والتنسيق الكامل بينهم وبين الحكومة.

وأقر بأن وتيرة عودة النازحين واللاجئين من دول الجوار تفوق تحسن الخدمات الأساسية، متعهّداً بالعمل على معالجة الأزمات المتعلقة بالمياه والكهرباء والأمن، والتي اعتبرها على رأس أولوياته، واعداً بتحقيق تحسّن ملموس في أوضاع العاصمة خلال أسابيع قليلة.

وفي الشأن الاقتصادي، أشار إدريس إلى تعثر الموسم الزراعي، معلناً عن زيارة مرتقبة لولاية الجزيرة الأسبوع المقبل، لمتابعة الترتيبات الخاصة بالموسم الشتوي، بعد نجاح الموسم الصيفي بنسبة 80%، بحسب قوله.

وتحدث عن خطة قومية لإعادة إعمار ولايات السودان، مشيراً إلى أن الأوضاع في بعضها أفضل نسبياً من الخرطوم، وأشاد على وجه الخصوص بالاستقرار الأمني في أم درمان، قائلاً إن الوضع هناك أصبح “أفضل من باريس” من حيث الأمن.

وأما على صعيد علاقته بالقوى السياسية، فأكد إدريس أنه أجرى مشاورات مع عدد منها بشأن إنشاء مجلس شورى أو مجلس تشريعي خلال المرحلة المقبلة، لكنه شدد على أنه لا يمارس السياسة، بل يكرّس جهده لمعالجة الملفات الحيوية المتعلقة بالمواطنين، وفرض هيبة الدولة، وتشغيل المؤسسات.

ونفى إدريس وجود أي مفاوضات جارية بين السودان ودولة الإمارات لاحتواء التوتر القائم بين البلدين، سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي.

وعن نتائج زيارته إلى القاهرة، وصف إدريس محادثاته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي بأنها ناجحة ومثمرة، مشيدًا بالتسهيلات التي قدمتها مصر للسودانيين في مجالات التعليم والصحة، وعبر المعابر الحدودية، كما أثنى على جهود القاهرة في تسوية متأخرات ديون الكهرباء، مؤكداً أن ذلك يعكس عمق العلاقات بين البلدين.

وكشف رئيس الوزراء أن السلطات المصرية وعدت بإطلاق سراح جميع السودانيين المحتجزين في السجون المصرية على خلفية قضايا الهجرة غير النظامية، وترحيلهم إلى السودان بالتنسيق مع السفارة السودانية، لتسهيل عودتهم إلى مناطقهم الأصلية.

ووصل إدريس إلى القاهرة الخميس، في أول زيارة خارجية رسمية له منذ توليه المنصب، وكان قد أدى اليمين الدستورية رئيساً لمجلس الوزراء السوداني في 31 مايو الماضي أمام رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بعد تعيينه بموجب مرسوم دستوري صدر في 19 من الشهر ذاته.

ويُذكر أن كامل إدريس، البالغ من العمر 71 عاماً، هو مسؤول أممي سابق شغل مناصب دبلوماسية عدة، وسبق له الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2010 أمام الرئيس السابق عمر البشير.

وتأتي زيارته في ظل استمرار النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهي الحرب التي تسببت، وفق تقديرات الأمم المتحدة، في مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه، مع تفاقم أزمة إنسانية خانقة وازدياد خطر المجاعة.

حرق ممنهج ونزوح جماعي.. تقرير يكشف تصعيد الدعم السريع في دارفور

اقرأ المزيد