بعد مرور أكثر من 18 شهراً على الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، شهدت أوضاع الإعلاميين تدهوراً كبيراً، حيث فقد معظمهم وظائفهم، واضطر بعضهم للعمل في مجالات أخرى لتأمين لقمة العيش.
وغابت الصحافة الورقية بشكل كامل لأول مرة منذ أكثر من 120 عاماً، بينما ظهرت مئات المواقع والمنصات الرقمية، معظمها قائمة على جهود فردية.
ودمرت الحرب البنية التحتية للمؤسسات الإعلامية، وأدت إلى توقف الصحف الورقية تماماً، مما ترك حوالي 90% من العاملين في هذا القطاع بلا عمل، وحتى “إذاعة أم درمان القومية” توقفت لفترة قبل أن تعاود البث مؤخراً.
ويعاني الصحفيون الذين ما زالوا في البلاد من انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت، مما يعرقل عملهم في جمع المعلومات ويعزز انتشار الشائعات.
ووفقاً للأمين العام السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات، عبد العظيم عوض، فإن الصحافة السودانية كانت تواجه تحديات منذ عهد الرئيس المعزول عمر البشير واستمرت تلك الصعوبات خلال حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك حتى أتت الحرب ووجهت لها “رصاصة الرحمة”.
وأشار عوض إلى أن عدد الصحف السياسية والرياضية والاجتماعية تقلص قبل الحرب إلى 12 فقط، وكان أغلبها يعاني من مشكلات مالية.
ومن جانب آخر، دفع النزاع في السودان أكثر من 500 صحفي إلى اللجوء لدول الجوار، مثل مصر وإثيوبيا وأوغندا وكينيا، بينما نزح حوالي 700 صحفي إلى ولايات داخلية أكثر أماناً مثل بورتسودان وولايات نهر النيل والشمالية والقضارف وكسلا.
واتجه بعض هؤلاء الصحفيين إلى العمل في مشاريع تجارية صغيرة لكسب العيش، بينما أطلق آخرون مواقع إلكترونية بموارد محدودة.
وأكد عضو المكتب التنفيذي للجمعية السودانية للصحافة الإلكترونية، عماد السنوسي، أن عدد الصحف والمواقع الإلكترونية ارتفع بشكل كبير بعد الحرب إلى أكثر من 800 موقع، لكن عدد المواقع الفاعلة لا يتجاوز 100، بينما تعتمد البقية على إعادة تحرير الأخبار بسبب ضعف الإمكانيات.
ومن جهته، أوضح الأمين العام للاتحاد العام للصحفيين السودانيين، صلاح عمر الشيخ، أن 90% من الأعضاء العاملين في المؤسسات الإعلامية وجدوا أنفسهم بلا عمل منذ بدء الحرب.
كما نزح العدد الأكبر من الصحفيين من العاصمة الخرطوم إلى الولايات الآمنة، بينما عمل بعضهم في مؤسسات الدولة الإعلامية أو بحث عن مصادر رزق بديلة.
وأفادت نقابة الصحفيين السودانيين بأن الحرب تسببت في مقتل 13 صحفياً، بينهم صحفيتان، و11 إصابة، وحالة اعتداء جنسي واحدة، إلى جانب تعرض 30 صحفياً لإطلاق النار والقصف.
وأوضح وزير الثقافة والإعلام الأسبق، فيصل محمد صالح، خلال مائدة مستديرة في العاصمة الأوغندية كمبالا أن الصحفيين داخل السودان يواجهون مخاطر جسدية وتهديدات مثل العنف والاختطاف والإجبار على الكشف عن المصادر، بينما يعاني الصحفيون في الخارج من صعوبات مالية وعدم استقرار في دول اللجوء.
تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان تعلن تشكيل هيئة قيادية جديدة