الجزائر شهدت جدلاً واسعاً بعد تداول مقاطع صادمة لعملية سطو نفذها أطفال قُصّر استهدفت أكبر سوق شعبي لبيع الهواتف، ما أثار موجة استنكار وتساؤلات حول الظاهرة.
وتمثلت الصدمة الأكبر في ظهور الأطفال أنفسهم في مقطع مصوّر، وهم يقرّون بمسؤوليتهم عن السرقة ويتباهون بما قاموا به، مهددين بتكرار العملية مجدداً، قبل أن تتدخل مصالح الأمن وتقوم بتوقيفهم.
وأظهر الفيديو أطفالاً تتراوح أعمارهم بين 10 و 13 سنة، وهم يعترفون بسرقة عدد من المحلات داخل سوق الهواتف النقالة الأكبر في الجزائر، الواقع بحي “بلفور” في منطقة الحراش شرق العاصمة، وتحدث القُصّر عن العملية بنبرة افتخار، حيث قال أحدهم: “نحن من قمنا بعملية بلفور وسنعيدها”.
كما وجّه الأطفال تحدياً صريحاً لأصحاب المحلات، قائلين: “إذا استطعتم فبيّتوا داخل محلاتكم.. هذه المرة سرقنا 200 مليون سنتيم فقط، ولو لم يكن هناك شخص لكنا استولينا على مليارين”، في إشارة إلى مبالغ مالية كبيرة.
وأثار الفيديو موجة استياء عارمة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، حيث اعتبر كثيرون أن ما جرى يعكس خللاً خطيراً يتجاوز واقعة السرقة نفسها.
وفي هذا السياق، وصف المختص الاجتماعي عبد الحفيظ صندوقي الظاهرة بأنها “خطيرة جداً”، معتبراً أن الأخطر من فعل السرقة هو تعبير الأطفال عن فخرهم بما قاموا به وتهديدهم العلني بتكراره، مشبهاً الأمر بحوادث سابقة تورط فيها قُصّر في مغامرات غير محسوبة.
وأضاف صندوقي، في تصريحات صحفية، أن التدخل السريع بات ضرورياً لضبط المفاهيم داخل المجتمع الجزائري، محذراً من أن تداول مثل هذه المقاطع، إلى جانب بعض التعليقات المبرّرة، قد يحوّل هؤلاء الأطفال إلى “أبطال” في نظر البعض، خاصة مع ترويج أفكار تبرر الجريمة بدعوى أن السوق غير قانونية أو أن التجار يستحقون ما حدث.
وأشار إلى أن الخطورة تكمن في كون الأمر يتعلق بأطفال ومراهقين لا تزال معاييرهم الأخلاقية في طور التشكّل، مؤكداً أن تنشئتهم على هذه المغالطات قد تؤدي إلى إنتاج جيل يعاني اضطرابات فكرية وقيمية في المستقبل.
ومن جانبه، أوضح المحامي فريد صابري أن التشريع الجزائري لم يخص جريمة السرقة بنصوص خاصة بالقُصّر، بل عالجها ضمن باب المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات، مميزاً بين من لم يبلغ سن 13 سنة، ومن تتراوح أعمارهم بين 13 و 18 سنة.
وبيّن أن الفئة الأولى تخضع لتدابير الحماية أو التربية المنصوص عليها في المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية، نظراً لغياب القصد الجنائي، في حين تخضع الفئة الثانية لأحكام المادتين 49 و 50، التي تنص على إمكانية إخضاعهم لتدابير تربوية أو لعقوبات مخففة.
وأشار صابري إلى أن عقوبة السرقة قد تصل إلى الحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة مالية تتراوح بين 100 ألف و 500 ألف دينار جزائري، إضافة إلى العقوبات التكميلية، مع وجود ظروف مشددة منصوص عليها في المادة 350 مكرر وما يليها من قانون العقوبات.
منتخب الجزائر يصطدم بعقبات تنظيمية قبل مواجهة السودان
