الجزائر السلطات فتحت تحقيقاً معمّقاً للوقوف على أسباب انهيار جزء من مسجد تاريخي يعود إلى القرن الخامس عشر، في حي القصبة العتيق وسط العاصمة.
وبحسب بيان صادر عن سلطات ولاية الجزائر، فإن جزءاً من مسجد سيدي محمد الشريف الزهار، المشيّد عام 1541 في قلب القصبة، انهار مساء الاثنين، حيث طال الانهيار مئذنة المسجد.
وأوضحت المعطيات الأولية أن الحادث نجم عن هشاشة البنية التحتية للمئذنة، نتيجة تقادمها وتعرّضها لعوامل التعرية الطبيعية على مدى قرون.
وجاء هذا الانهيار في وقت كان فيه المسجد يخضع خلال الفترة الأخيرة لأشغال ترميم وُصفت بالمعقّدة والدقيقة، نظراً لتدهور وضعه الإنشائي، إذ بلغت نسبة تقدّم الأشغال نحو 35%.
وأثار ذلك تساؤلات بشأن مدى نجاعة أعمال الترميم الجارية، ومدى التزامها بالمعايير التقنية والفنية المعتمدة في صيانة المعالم التاريخية.
وباشرت المصالح المختصة تحقيقاً لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات المناسبة بناءً على نتائجه، فيما تعهّدت السلطات بإعادة بناء المئذنة وفق تصميمها المعماري الأصلي، حفاظاً على الطابع التاريخي والديني للمسجد.
وعقب وقوع الحادث، تدخلت فرق فنية متخصصة لتأمين الموقع واتخاذ جميع التدابير الوقائية اللازمة، بما يضمن سلامة المواطنين وصون التراث العمراني والديني والتاريخي للعاصمة، ويأتي ذلك في ظل خضوع حي القصبة لبرنامج واسع يهدف إلى ترميم عدد من معالمه التاريخية وإعادة تأهيلها.
وخلف انهيار هذا المعلم الديني حالة استياء واسعة في أوساط المهتمين بالتراث والعمران التاريخي في الجزائر، وسط انتقادات متكررة لما يُعتبر تقصيراً في العناية بالمعالم الدينية القديمة، مقارنة بأعمال ترميم شملت بنايات ومعالم أخرى.
ويُعد حي القصبة التاريخي والسياحي المركز الرئيس للعاصمة الجزائرية قبل الاحتلال الفرنسي وخلال العهد العثماني، إذ شُيّد على تلة منحدرة نحو البحر، ويتميّز بأزقته الضيقة وبيوته القديمة.
وخلال ثورة التحرير بين عامي 1954 و 1962، تحوّل الحي إلى أحد أبرز معاقل الثوار، بفعل طبيعته العمرانية المتداخلة وصعوبة اقتحامه.
وعقب الاستقلال، تعرّض الحي لفترات من التهميش، ما أدى إلى تدهور أجزاء من معالمه بفعل الإهمال والأشغال العشوائية، قبل أن يتجدد الاهتمام الرسمي والأهلي به خلال السنوات الأخيرة.
وفي ديسمبر 2024، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد كلّف الحكومة بإيجاد حلول عاجلة للحفاظ على الهوية المعمارية والتاريخية لمدينة القصبة، وإعادة تأهيل هذا الحي العتيق، الذي وصفه بأنه “روح العاصمة ومعالمها ملك لكل الجزائريين”، في ظل تآكل بناياته عبر الزمن وعدم معالجة مشاكله منذ سبعينيات القرن الماضي.
واقترح الرئيس أن يكمن الحل في تدخل الدولة لشراء العمارات المملوكة للخواص داخل الحي، وإدراجها ضمن الأملاك الوطنية، تمهيداً لترميمها وإعادة تهيئتها لاحتضان أنشطة ثقافية وفنية وسياحية وحِرَفية تقليدية.
الجزائر وإيران تبحثان الوضع الإنساني في فلسطين ولبنان خلال لقاء في جنيف
