أثار قرار الجزائر رفع التحفظ عن فقرة من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”، موجة واسعة من الجدل بين مؤيدين يرونه خطوة نحو تكريس المساواة، ومعارضين يعتبرونه تهديدا لقيم الأسرة ومخالفا لأحكام الشريعة.
والفقرة التي جرى رفع التحفظ عنها، والمنصوص عليها في المادة 15 فقرة 4 من الاتفاقية، تمنح المرأة حقا مساويا للرجل في حرية التنقل واختيار محل الإقامة.
وجاء القرار في مرسوم رئاسي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 أغسطس الجاري، بعد نحو ثلاثة عقود من انضمام الجزائر إلى الاتفاقية عام 1996 مع إبداء تحفظات على عدد من بنودها.
وعلى الصعيد الرسمي، اعتبر الإجراء امتدادا لالتزامات الجزائر الدولية في مجال حقوق الإنسان، فيما يرى خبراء القانون أن الخطوة قد تمهّد لمراجعات أوسع في قانون الأسرة، الذي يستند في كثير من أحكامه إلى الشريعة الإسلامية.
وأوضح المحامي والناشط الحقوقي يوسف بودينة أن القرار لا يعني بالضرورة تغييرات جذرية في التشريعات، لكنه قد يمنح المنظمات النسوية أرضية أقوى للمطالبة بإصلاحات أعمق، مشيرا إلى أن الجزائر ما زالت تتحفظ على مواد أخرى من “سيداو”.
وفجرت الخطوة نقاشا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رحب مؤيدون بها باعتبارها تعزيزا لحقوق المرأة العاملة والطالبة، وضمانا لتوازن أكبر في القرارات الأسرية.
وفي المقابل، حذر منتقدون من تداعياتها على استقرار الأسرة، معتبرين أنها قد تفتح الباب أمام نزاعات بين الزوجين حول مكان السكن.
وفي سياق متصل، أشارت رئيسة حزب “العدل والبيان” نعيمة صالحي إلى أن رفع التحفظ سيغير بعض المفاهيم القانونية مثل “النشوز”، وسيلزم المحاكم بأخذ الاتفاقية الدولية في الاعتبار عند البت في النزاعات الأسرية.
بينما اعتبر محامون وناشطون أن نجاح التغيير يتوقف على استعداد المشرع الجزائري لتكييف القوانين، وقدرة القضاء على تطبيق المعايير الدولية في الواقع العملي.
ووصفت مؤسسة “الجريدة النسوية” القرار بأنه خطوة رمزية قوية في مسار النضال النسوي، شددت على أن المساواة الفعلية تحتاج إلى جهود أوسع تشمل تغيير العقليات إلى جانب القوانين.
ومن جانبهم، رأى معارضون مثل سمير القصوري أن القرار يقود إلى “صراع دائم بين الزوجين” حول مكان الإقامة، معتبرين أن النتيجة ستكون مزيدا من الانقسامات الأسرية.
ثلاثة جزائريين يتوجون بجائزة “كتارا” للرواية العربية في دورتها العاشرة
