30 مارس 2025

اللجنة البرلمانية الجزائرية المكلفة بصياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، تبدأ اليوم الأربعاء أولى خطواتها بالاستماع إلى أصحاب المبادرات السابقة.

وذلك للاستفادة من خبراتهم في إعداد نسخة قانونية شاملة، على أن يكون شهر مايو الموعد الأقصى لإنجازها، تمهيداً لعرضها على المسار التشريعي للمصادقة عليها رسمياً.

ويأتي هذا التطور في ظل توترات دبلوماسية متصاعدة بين الجزائر وباريس منذ الصيف الماضي، حيث يشكّل ملف الذاكرة التاريخية والاستعمار أحد أبرز محاور الخلاف، إلى جانب قضايا سياسية أخرى مثل موقف فرنسا من النزاع في الصحراء المغربية، وملف المهاجرين الجزائريين غير النظاميين، حيث تهدد باريس بإبعادهم، بينما ترفض الجزائر استقبالهم.

ويُعدّ هذا القانون أول مبادرة تشريعية يقوم البرلمان الجزائري بصياغتها وتقديمها للحكومة منذ عقود، بعد محاولات سابقة لم تكتمل، أبرزها مشروع 2006 الذي جاء كرد فعل على قانون فرنسي صادق عليه البرلمان في 2005، يمجّد الاستعمار.

وتضم اللجنة ستة نواب ممثلين عن الكتل النيابية الرئيسية، تحت إشراف رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، وتشمل أحزاباً مثل جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، حركة مجتمع السلم (حمس)، جبهة المستقبل، إلى جانب كتلة المستقلين.

وقد لاقت هذه الخطوة دعماً واسعاً من الأحزاب السياسية الجزائرية التي وصفتها بأنها “تجسيد عملي للإرادة الراسخة في تكريس السيادة الوطنية والدفاع عن الذاكرة التاريخية التي لا تقبل المساومة”.

ويرى مراقبون أن مشروع القانون قد يؤدي إلى تصعيد إضافي في العلاقات مع فرنسا، خصوصاً إذا تضمن بنوداً تربط تسوية العلاقات الثنائية باعتراف باريس الرسمي بجرائمها الاستعمارية، واستعادة الوثائق والأرشيف التاريخي الذي تحتفظ به فرنسا.

وعلى صعيد متصل، لا تزال قضية الهجرة أحد أبرز ملفات الخلاف، حيث تسعى فرنسا إلى ترحيل عدد من الجزائريين المقيمين بطريقة غير نظامية، وهو ما ترفضه الجزائر بشدة.

وقد دفع هذا التوتر باريس إلى التلويح بمراجعة الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، في حين أكدت الجزائر رفضها لما وصفته بـ”اللغة التهديدية”، وتمسكها بحقوق مواطنيها.

وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال مقابلة مع صحفيين جزائريين، إلى الحوار مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في خطوة فُسرت على أنها محاولة لتخفيف حدة التصعيد.

ومن جهته، شدد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو على موقف بلاده المتشدد، ولوّح بالاستقالة إذا قامت باريس بتقديم تنازلات في ملف الهجرة، بينما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أن بلاده ترغب في تحسين العلاقات مع الجزائر، لكن “دون أي ضعف أو تنازلات”.

ووسط هذه التطورات، تبقى الأنظار موجهة إلى مصير مشروع القانون الجزائري، وما إذا كان سيمر بسلاسة داخل البرلمان، أم سيؤدي إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين البلدين، في وقت تعيش فيه باريس حالة انقسام داخلي بين داعمي الحوار مع الجزائر، والمطالبين بموقف أكثر صرامة تجاهها.

اقرأ المزيد