مدينة سطيف شرقي الجزائر، شهدت مظاهرات شارك فيها الآلاف من المواطنين، في إحياء الذكرى الثمانين لمجازر 8 مايو 1945، التي ارتكبتها قوات الاستعمار الفرنسي ضد متظاهرين جزائريين خرجوا آنذاك للمطالبة بالاستقلال.
ورفع المتظاهرون في الشوارع الرئيسية لسطيف شعارات منددة بالجرائم المرتكبة، وهتفوا بصوت واحد: “يجب أن تعترف فرنسا بجرائمها”، مطالبين الدولة الفرنسية بتقديم اعتذار رسمي عن المجازر التي راح ضحيتها آلاف الجزائريين.
وقال سعد معبد، البالغ من العمر 97 عاماً، والذي عايش المجزرة وكان في السابعة عشرة من عمره حينها، “في ذلك اليوم، بينما كان العالم يحتفل بنهاية الحرب العالمية الثانية، كنا نحن نُذبح، كان يوماً مشؤوماً، نُصبت فيه الرشاشات عند الجسور، وأطلق النار على المدنيين بلا رحمة”.
ويُشار إلى أن مجازر 8 مايو 1945 اندلعت في مدن سطيف، وقالمة، وخراطة، حين خرج آلاف الجزائريين في مسيرات سلمية حاملين الأعلام الوطنية، للمطالبة بالاستقلال، بالتزامن مع احتفالات فرنسا بنهاية الحرب العالمية الثانية.
وقمعت قوات الاستعمار التظاهرات بعنف بالغ، أسفر عن مقتل الآلاف، حيث يؤكد الجزائريون أن عدد الضحايا بلغ نحو 45 ألف قتيل، فيما تقدر الأرقام الفرنسية الرسمية عددهم ما بين 1500 و20 ألفاً.
وفي المظاهرات الأخيرة، عبّر المشاركون عن تمسكهم بضرورة الاعتراف الرسمي من باريس، معتبرين أن مرور الزمن لا يسقط الحقوق ولا يمحو الذاكرة الجماعية.
وقال حواس سراي (74 عاماً) “لا زلت أبحث حتى اليوم عن قبر والدي الذي قُتل ورُمي في حفرة جماعية، ما دمت حياً، سأطالب فرنسا بالاعتذار”، مستعيداً الروايات التي نقلتها له والدته عن المجزرة.
كما حضرت المظاهرة شهد الوافي، القادمة من مدينة ليون الفرنسية، والتي تمثل جمعية “فرنسا الضواحي”، مؤكدة أنها جاءت “لتمثيل الشباب الفرنسي الجزائري والتأكيد على تمسكهم بهويتهم الثقافية وذاكرتهم التاريخية”، معتبرة أن الحضور في هذه المناسبة “واجب تجاه الشهداء”.
وقالت إيمان صفيح، طالبة تبلغ 23 عاماً: “بصفتي حفيدة شهداء، أفتخر بأنني جزائرية، وسأستمر في المطالبة باعتراف فرنسا بما ارتكبته في حق أجدادنا”.
ومنذ عام 2020، تكرّس الجزائر يوم 8 مايو من كل عام يوماً وطنياً للذاكرة، تخليداً لضحايا هذه المجازر التي تشكل محطة مفصلية في تاريخ كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي.
وتأتي هذه الاحتجاجات وسط توتر دبلوماسي متجدد بين الجزائر وباريس، على خلفية عدة ملفات خلافية أبرزها ترحيل مهاجرين جزائريين من فرنسا، واحتجاز الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر منذ نوفمبر الماضي، وهو ما زاد من تعقيد العلاقات الثنائية المتوترة أصلاً بين البلدين.
الرئيس الجزائري يكشف عن شكوك بدخول جواسيس إسرائيليين بجوازات مغربية
