تزايد إقبال خرّيجي الثانوية العامة في ليبيا على الجامعات الخاصة، رغم المخاوف من تدهور جودة التعليم، وبدورها أغلقت الحكومة العديد منها سابقاً، لكن غياب الرقابة زاد عددها.
يشهد قطاع التعليم العالي في ليبيا نمواً ملحوظاً في أعداد الجامعات الخاصة، حيث يقبل آلاف الخريجين الجدد على التسجيل فيها مع بداية كل عام دراسي جديد، وسط تساؤلات حول جودتها الأكاديمية وفعالية الرقابة الحكومية.
بحسب تصنيف المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية، بلغ عدد الجامعات الخاصة نحو 100 جامعة، مقارنة بـ26 جامعة حكومية فقط في عموم البلاد، مما يعكس توسعاً كبيراً في هذا القطاع.
بذلت حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عند توليها السلاسة عام 2021 جهوداً لضبط هذا القطاع، حيث قام وزير التعليم العالي آنذاك عمران القيب بإغلاق 20 كلية وجامعة خاصة واصفاً إياها بـ”دكاكين الشهادات”.
غير أن هذه الحملة تراجعت في العام التالي، تاركة الساحة لبروز جامعات جديدة دون رقابة فعالة.
يكشف فاير العجمي، أحد الطلاب، أن دوافعه للالتحاق بالجامعة الخاصة تشمل “إمكانية الحضور المتقطع وعدم التشدد في الانضباط ونسبة الرسوب المعدومة”، بهدف الحصول السريع على شهادة جامعية تؤمن له وظيفة حكومية.
في المقابل، تختار رزان بشير ضو دراسة الطب في جامعة خاصة بسبب “توفر المختبرات المجهزة والمقررات الحديثة والأجواء الدراسية المنتظمة”، مما لا يتوفر في الجامعات الحكومية التي تعاني من نقص الكوادر التعليمية.
يعبر بشير ضو، والد إحدى الطالبات، عن مخاوفه من “افتقار الجامعة الخاصة للاعتراف الرسمي”، مما قد يجعل شهادتها خارج الاعتماد الأكاديمي رغم توثيقها من إدارة التعليم الخاص.
يقدم الأكاديمي عبد الله البركي تحليلاً دقيقاً للظاهرة، مشيراً إلى أن “بعض الجامعات الخاصة أقرب إلى مشاريع استثمارية تبيع مقاعد دراسية وشهادات أكثر مما تنتج كفاءات حقيقية”، معترفاً في الوقت نفسه بأن “بعض الجامعات الخاصة المعنية بالتخصصات الطبية والهندسية استطاعت أن تفرض نفسها خياراً حقيقياً يدعم قطاع التعليم”.
يدعو البركي إلى “تشجيع الاندماج بين الجامعات، وفرض رقابة حقيقية على جودة التعليم، وربط التخصصات بسوق العمل”، معتبراً أن الحل لا يكون بإلغاء التعليم الخاص بل بتحويله من عبء إلى رافعة للتعليم في البلاد.
تبقى هذه الظاهرة تعكس تحدياً كبيراً في نظام التعليم العالي الليبي، بين حاجة الطلاب لبدائل عن التعليم الحكومي المتدهور، ومخاطر انتشار جامعات تقدم تعليماً دون المستوى المطلوب.
اكتشافات نفطية جديدة في ليبيا
