الثورة الجزائرية، حرب تحرّر انطلقت شرارتها الأولى في الأول من نوفمبر 1954 بعد 124 سنة من استعمار فرنسا للجزائر سنة 1830، وانتهت بإعلان الاستقلال في الخامس من يوليو 1962.
وكانت الثورة ثمرة لتاريخ طويل من النضال الشعبي والسياسي ضد الاحتلال الفرنسي، حيث قاوم الجزائريون الاستعمار عبر عدة مراحل، فبعد أن قاد الأمير عبد القادر المقاومة الأولى بين عامي 1832 و1847، تتابعت حركات المقاومة بمشاركة شخصيات بارزة مثل أحمد باي، ولالّة فاطمة نسومر، والشريف بوبغلة.
وفي سبعينيات القرن التاسع عشر، قاد الشيخ المقراني والشيخ بوعمامة حركات ثورية جديدة، تعبيراً عن رغبة الجزائريين في التحرر من الاستعمار.
وفي القرن العشرين، انتقلت المقاومة إلى مجال التنظيم السياسي مع ظهور “نجم شمال إفريقيا” في باريس عام 1926 بقيادة مصالي الحاج، وتطور الحزب ليصبح “حزب الشعب الجزائري” ثم “حركة انتصار الحريات الديمقراطية”.
وشكل هذا المسار السياسي الأساس لحركة التحرير الجزائرية، وخاصة بعد مجازر 8 مايو 1945 التي قُتل فيها الآلاف من الجزائريين، مما دفع قيادات الحركة الوطنية إلى التفكير في العمل المسلح كخيار حتمي للتحرر.
واجتمع 22 مناضلاً في 23 يونيو 1954 لبحث إطلاق ثورة مسلحة، واختيرت مجموعة الستة، بقيادة مصطفى بن بولعيد ومحمد بوضياف، للقيام بالتحضيرات النهائية، لتُعلن الثورة في الموعد المتفق عليه في الأول من نوفمبر 1954.
وشنت جبهة التحرير الوطني، التي قادت الكفاح، هجمات مسلحة في مناطق مختلفة من الجزائر، خاصة في الأوراس، الشمال القسنطيني، العاصمة ووهران، وسرعان ما ردت فرنسا بعنف، فأصدرت مرسوماً بحل جميع الهيئات السياسية الجزائرية واعتقال مئات الناشطين.
ورغم القمع، استمرت العمليات العسكرية لجبهة التحرير بقيادة “جيش التحرير الوطني”، وكان من أبرزها هجمات الشمال القسنطيني عام 1955، التي دفعت الأمم المتحدة إلى إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمالها.
وفي عام 1956، جاء مؤتمر الصومام لترتيب بيت الثورة، حيث قسّم الجزائر إلى ست ولايات، ووضع استراتيجية لاستمرار الكفاح.
وواجهت جبهة التحرير التضييق الفرنسي بحرب العصابات، كما قادت “معركة الجزائر” في 1957 بهجمات مركزة داخل العاصمة، وحققت تعبئة شعبية ضخمة بإضراب شامل من 28 يناير حتى 4 فبراير 1957.
وبمرور الوقت، اشتدت ضربات المقاومة، مما جعل فرنسا تعيد النظر في موقفها من القضية الجزائرية، وفي 1958، دعا الرئيس الفرنسي شارل ديغول قيادة جبهة التحرير إلى المصالحة، لكن جبهة التحرير استمرت في العمل نحو الاستقلال.
وأسست جبهة التحرير “الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية” في القاهرة عام 1958، مما زاد من الزخم الدولي للقضية الجزائرية، وفي 1962، وبعد عدة جولات من مفاوضات إيفيان، توصلت فرنسا إلى اتفاقية مع جبهة التحرير، تقضي بإجراء استفتاء حول تقرير المصير.
وفي 1 يوليو 1962، صوّت الجزائريون بأغلبية ساحقة لصالح الاستقلال، وأعلنت الجزائر استقلالها في 5 يوليو 1962، بعد أن فقدت نحو مليون ونصف المليون شهيد طوال الكفاح.
ومن أبرز شخصيات الثورة مصطفى بن بولعيد، الذي بدأ نضاله من خلال العمل النقابي والانضمام إلى حزب الشعب، وقاد منطقة الأوراس حتى استشهاده عام 1956، وكريم بلقاسم، أحد مؤسسي جبهة التحرير وقاد العمليات في المنطقة الثالثة، ووقع على اتفاقية إيفيان، لكنه اغتيل بعد الاستقلال.
وهناك أيضاً محمد بوضياف، الذي ساهم في تأسيس المنظمة السرية، واعتقل خلال الثورة ليعود إلى الجزائر عام 1992 رئيساً للبلاد، قبل اغتياله في العام نفسه، وديدوش مراد، الذي قاد الثورة في الشمال القسنطيني حتى استشهاده عام 1955، ورابح بيطاط، الذي قاد ثورة الجزائر العاصمة واعتقل في بداية الثورة، ليواصل نضاله السياسي بعد الاستقلال، والعربي بن مهيدي، الذي قاد معركة الجزائر قبل أن يُعتقل ويستشهد تحت التعذيب عام 1957، ويعتبره خصومه الفرنسيون من أبرز القادة الجزائريين.
وأدى الكفاح المسلح إلى استقلال الجزائر بعد مفاوضات شاقة، حيث صوت الجزائريون لصالح الاستقلال، معلنين انتهاء 132 عاماً من الاستعمار الفرنسي.
منظمة الملاكمة العالمية تنفي التقارير المزيفة بشأن إيمان خليف