22 ديسمبر 2024

أنهى مجلس الأمن الدولي مهمة البعثة الأممية الخاصة بالسودان وذلك بعد أربع سنوات على تشكيلها، حيث شهدت البلاد خلال تلك الفترة تقلبات سياسية كان أخطرها الاقتتال الدائر منذ شهر نيسان بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وكان من المفترض أن تقوم البعثة بدعم عملية الانتقال السياسي، إلا أن التطورات في السودان سرعان ما انتقلت إلى حرب أهلية، أدت إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص ونزوح نحو 7 ملايين داخل البلاد، بالإضافة إلى هجرة نحو مليوني شخص.

ردود الفعل تجاه القرار كانت متفاوتة داخل الشارع السوداني، حيث رحبت به الأطراف المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني الذي حكم البلاد ثلاثة عقود انتهت في نيسان 2019، بينما رأت القوى الأخرى أنه يفتح الباب أمام توسيع مهام الأمم المتحدة في السودان، وربما يعيد السودان مجددا للبند السابع بعد أن خرج منه بطلب من رئيس وزراء الحكومة المدنية، التي أطاح بها انقلاب 25 تشرين الأول 1921، لكن عودة البند السابع مرتبطة بسيناريوهين: الأول يتعلق بتقرير بعثة تقصي الحقائق حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي تم اعتمادها من الجمعية العمومية، وهذه العملية ماتزال في بدايتها وتحتاج لوقت طويل، أما السيناريو الثاني فيستند لما يمكن أن يقوم به الاتحاد الإفريقي حيال ما يجري في السودان بتشكيل قوات للتدخل، وفي هذه الحالة سيلجأ مجلس الأمن لدعم الاتحاد باعتماد القرار وإسناده بقوات تتخذ الطبيعة الأممية بتفويض الفصل السابع، وهي العملية لا تبدو واقعية حتى الآن.

عمليا فإن قرار إلغاء مهمة البعثة الأممية أعطى إشارات قوية على احتمالية انتقال مجلس الأمن لآلية أكثر فاعلية، حيث نص على التزام مجلس الأمن الدولي بسيادة ووحدة واستقلال وسلامة أراضي السودان، معربا عن القلق من استمرار العنف وتدهور الأوضاع الإنسانية وخصوصا القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان، والقرار لا يعني إنهاء مهام الأمم المتحدة بل نقلها إلى وكالات الأمم المتحدة المختلفة في ظل الظروف الحالية، وفسر السفير الأممي طارق كردي، رئيس تجمع السودانيين العاملين في المنظمات الدولية وخبير الشؤون الإنسانية والدولية، بأنه تكليف أكثر من منظمة للاطلاع بمهمة “يونيتامس”، وهذا يتطلب من الجهات السودانية التعامل مع أكثر من منسق أممي بدلا من التعامل السابق مع رئيس البعثة، وبين كردي أن بعثة يونيتامس التي شُكلت تحت الفصل السادس؛ جمعت أعمال منظمات الأمم المتحدة المختلفة تحت سقف واحد، وأتاحت للدولة السودانية التعامل مع البعثة في كل المواضيع المختلفة، والآن وبعد قرار مجلس الأمن هناك عودة إلى النظام السابق المشتت بين المنظمات المختلفة.

وتشير المعطيات الحالية وفق الوضع السوداني إلى أن قرار مجلس الأمن الأخير يحمل تلويحا بالذهاب لوضع السودان تحت الفصل السابع، وتوقيته يؤشر لتقدم في مفاوضات جدية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع برعاية سعودية – أمريكية، لكن مجلس الأمن عجز عن اتخاذ قرارات بشأن السودان بسبب الموقفين الصيني والروسي الرافضين لاستخدام الفصل السابع دون أن تكون هناك مبررات مقدمة من الاتحاد الإفريقي بالدرجة الأولى، حيث يعتبر هذا البند أداة أممية خطيرة في ظل النظام الدولي الحالي، حيث يتم التلويح بها وفق مقتضيات متعلقة بالمصالح الغربية، بينما لا يتم الحديث عنها في حالات خطيرة وقائمة حاليا مثل الحرب في غزة، أو غيرها من الصراعات التي لم تشهد أي تحرك واضح من مجلس الأمن أو حتى التلويح بالتعامل مع المسألة وفق البند السابع.

بقلم مازن بلال

منسقة الأمم المتحدة تبحث مسألتي الإعمار واللاجئين السودانيين في بنغازي

اقرأ المزيد