أوضح الاجتماع بين جمعية رجال الأعمال المصريين ووفد من مجلس الأعمال الليبي، محورية العلاقات بين البلدين رغم كل الظروف القاسية التي تعيشها ليبيا.
إن التعاون الاستثماري والتجاري المشترك يشكل قاعدة يمكن البناء عليها لرسم آفاق جديدة بين ليبيا ومصر، وفتح هذا اللقاء الأبواب أمام الشركات المصرية للمشاركة في إعادة إعمار ليبيا، حيث تقدر استثمارات المرحلة الأولية للمشروعات بنحو 120 مليار دولار.
الجانب الليبي اقترح خلال اللقاء تشكيل لجنة مشتركة بين المجلس وجمعية رجال الأعمال المصريين، ودعا جمعية رجال الأعمال المصريين لتنظيم رحلة عمل إلى ليبيا بهدف استكشاف فرص التبادل التجاري وزيادة التدفق الاستثماري بين مصر وليبيا، كما اقترح الوفد إنشاء بنك ليبي مصري مشترك ومنطقة لوجستية حرة بالقرب من معبر السلوم الحدودي، إضافة لتفعيل الاتفاقيات التجارية وحل القضايا المتعلقة بحركة الأشخاص والأموال بين البلدين، بينما أكد علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، عمق وأهمية العلاقات المصرية الليبية، معربا عن الانفتاح على الشركات المصرية في مختلف القطاعات.
وتشكل المبادرة بداية جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين بعد فترة الصراع، فجهود إعادة الإعمار في ليبيا ضخمة، وتستلزم مشاريع بمليارات الدولارات، ويمثل هذا فرصة كبيرة لآلاف الشركات المصرية وملايين العمال، ويحمل التعاون خطوات استراتيجية يمكن أن تسهل أنشطة التجارة والاستثمار بشكل أكثر سلاسة، مما يزيد من تعزيز الروابط بين مصر وليبيا خلال هذه المرحلة الحاسمة من إعادة الإعمار.
الجانب الآخر للنشاط الاقتصادي تعكسه الحالة المتبادلة بين البلدين، ففي السنوات الأخيرة تأثر المشهد السياسي في شمال إفريقيا بشكل كبير بالديناميكيات بين ليبيا ومصر، وهما دولتان جارتان لهما تاريخ متشابك ومصالح مشتركة، ومثلت العلاقة بين حكومة أسامة حماد في شرق ليبيا شكلا مختلفا من التعاون رغم ظروف الصراع الليبي، فمصر تشترك في حدود واسعة مع ليبيا، وتملك مصالح راسخة في استقرار جارتها، تبدأ من المخاوف الأمنية وتصل إلى العلاقات الاقتصادية، فالتقلبات في ليبيا شكلت تهديدا مباشرًا للأمن القومي المصري، وهو ما دفعها إلى التعامل بشكل مباشر مع الأزمة الليبية.
ضمن هذا الواقع المتشابك بين البلدين فإن التقارب بين حكومة شرق ليبيا ومصر يشكل مقاربة هامة لمعالجة المخاوف الأمنية المتبادلة وتعزيز التعاون الاقتصادي، وتم إطلاق مبادرات مشتركة تركز على تعزيز أمن الحدود ومكافحة الإرهاب وتسهيل التجارة والاستثمار، ولا يهدف هذا التعاون إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة فحسب، بل أيضا إلى إرساء الأساس لإنعاش الاقتصاد الليبي، حيث تلعب مصر دورا محوريا في هذا الأمر.
وكانت الجهود الدبلوماسية التي بذلتها مصر فعالة في السعي إلى تسوية سياسية في ليبيا، ومن خلال الاستفادة من نفوذها، عملت القاهرة على سد الفجوة بين الفصائل الليبية، والدعوة إلى تشكيل حكومة وطنية موحدة، وعبر مشاركتها بالحركة الدبلوماسية النشطة دوليا أكدت التزامها بخريطة الطريق الليبية التي تستوعب جميع الأطراف، ورغم أن الديناميكيات الليبية الداخلية والخصومات الدولية أثرت بشكل مباشر على العلاقات بين البلدين، لكن التقارب الليبي المصري، على الأخص مع حكومة أسامة حماد، سيكون له تأثيرات كبيرة على استقرار شمال إفريقيا، فاستقرار ليبيا أمر بالغ الأهمية للأمن الإقليمي ولمواضيع مختلفة أخرى أهمها السيطرة على الهجرة والتنمية الاقتصادية، والدور الاستباقي الذي تلعبه مصر في التوسط في الأزمة السياسية الليبية يعكس رؤية استراتيجية أوسع لاستقرار الشمال الإفريقي.
إن العلاقة المتطورة بين ليبيا ومصر، وخاصة التعاون مع حكومة الشرق، تأتي من الضرورات التي تفرضها الجغرافيا بالدرجة الأولى، دون أن يعني عدم خلق توازن مع باقي الأطراف الليبية، فالصعوبات في العملية السياسية الليبية يتطلب جهودا موسعة لا تقف عند حدود العلاقة مع مصر فقط، إنما لخارطة طريق متكاملة يتم رسمها على مستوى الشمال الإفريقي عموما.
بقلم نضال الخضري
جهود الوساطة الأممية في ليبيا: باتيلي يسعى لتسوية الخلافات وإنقاذ مسار الانتخابات