قررت البورصة المصرية منع 48 رجل أعمال، بينهم محمود لاشين، من التصرف في أموالهم وممتلكاتهم بسبب تلاعبات في السوق، يتضمن القرار تجميد الأصول والأموال مؤقتاً لحماية المستثمرين حتى انتهاء التحقيقات.
في إطار ما يُعد أحد أضخم الإجراءات التنظيمية التي يشهدها سوق المال المصري خلال العام الحالي، أعلنت البورصة المصرية قبل أيام قليلة عن قرار حظر 48 من رجال الأعمال من التصرف في كافة أموالهم وممتلكاتهم.
وصدر هذا القرار الحاسم بناءً على توجيهات مباشرة من الهيئة العامة للرقابة المالية، حيث شمل الحظر رجل الأعمال البارز محمود لاشين و47 من رجال الأعمال الآخرين.
وامتد نطاق المنع ليشمل جميع أنواع الأصول والممتلكات، بما في ذلك الأوراق المالية والحسابات البنكية، والأموال المنقولة وغير المنقولة، سواء كانت مملوكة لهم بشكل مباشر أو عبر وسائل غير مباشرة.
وأصدرت البورصة تعليمات صارمة لشركات الوساطة وكافة الأطراف العاملة في سوق المال، داعية إياهم إلى الامتناع الكامل عن تنفيذ أي تعاملات مالية أو عمليات نقل ملكية تتعلق بالأسماء الواردة في القرار.
وشمل هذا المنع صراحةً عمليات البيع والشراء والرهن والتحويل، وذلك في انتظار صدور تعليمات جديدة من الجهات المختصة.
من جانبه، كشف الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار بالجامعات المصرية، أن هذا القرار يأتي تتويجاً لسلسلة من التحقيقات التي أجرتها الهيئة العامة للرقابة المالية، والتي أسفرت عن اكتشاف تلاعبات في الاستثمارات، ما أدى إلى قيد بعض الشركات في البورصة.
وأضاف البروفيسور بدرة في تصريحات خاصة أن التحقيقات كشفت عن تورط مجموعة من المستثمرين ورجال الأعمال، وعلى رأسهم محمود لاشين، في عمليات تلاعب منظمة بأسهم شركته، بهدف تحقيق ارتفاعات مصطنعة في الأسعار وجني مكاسب مالية طائلة غير مبررة.
وأكد أن “الهيئة تحركت بسرعة وقرار حازم لحماية أموال المستثمرين ومنع أي محاولات لنقل الأصول إلى أطراف أخرى، لذلك تم إصدار قرار تجميد الممتلكات فوراً كإجراء احترازي ضروري”، مشيراً إلى أن مثل هذه القرارات تُتخذ في إطار سياسة الشفافية ومنع استمرار الممارسات الضارة بسوق المال.
ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يبرز فيها اسم لاشين خلال العام الجاري، بل تمثل الحلقة الثالثة في سلسلة المخالفات خلال الشهرين الماضيين فقط، مما يعكس متابعة دقيقة وحثيثة من الجهات التنظيمية لأي تحركات غير اعتيادية في السوق.
وأشار أستاذ التمويل إلى أن قرار الحظر شمل 47 من رجال الأعمال المقربين من لاشين، والذين ساهموا بشكل فعال في عمليات التلاعب بأسهم الشركة من خلال تنفيذ عمليات شراء وبيع متكررة ومتزامنة، أدت إلى رفع الأسعار بشكل مصطنع، وإيهام المتعاملين في السوق بوجود طلب حقيقي مرتفع على هذه الأسهم.
وأوضح أن التحقيقات لا تزال مستمرة على قدم وساق، مؤكداً أن “قرار التجميد سيظل ساري المفعول حتى الانتهاء من الفحص الشامل والتحليل الدقيق لكافة البيانات والمعاملات المشبوهة، وبعد اكتمال التحقيقات ستُحدد العقوبات والجزاءات القانونية المقررة وفقاً لنتائج التحقيق”.
وطالب في الوقت نفسه بمراجعة شاملة للقواعد المنظمة لعملية التداول والتسعير في البورصة، بهدف تطوير الآليات الرقابية ومنع تكرار مثل هذه الممارسات التي تهدد ثقة المستثمرين وتؤثر سلباً على سمعة السوق المالية.
بدوره، علق الدكتور محمد عبد الغني، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة بني سويف، بأن القرار يأتي استجابة لمخالفات واضحة ارتكبها بعض الأطراف ضد قواعد التداول المنظمة لسوق المال.
وأفاد بأن الممارسات التي تم رصدها شملت عمليات مضاربة غير مشروعة وتداولات مضللة، تسببت في تشويه الأسعار الحقيقية لبعض الأسهم، حيث تم رفع أو خفض قيمتها بشكل لا يعكس الأداء الفعلي للشركات.
وأكد أن “البورصة المصرية تعمل في إطار منظومة متكاملة من القواعد والقوانين الدقيقة، وعند اكتشاف أي محاولات تلاعب، تتحرك الأجهزة الرقابية فوراً لحماية استقرار السوق وصون حقوق المستثمرين”.
وشدد على أن الإجراء الحالي ليس نهائياً، بل يمثل قراراً احترازياً مؤقتاً يصدر لحين استكمال كافة التحقيقات وفحص الأدلة المتاحة، معرباً عن أن “من حق الأطراف المتضررة التقدم بتظلمات ضد القرار، وفقاً للإجراءات القانونية المعمول بها”.
وأخيراً، أكد الدكتور عبد الغني أن الهدف الأساسي من مثل هذه القرارات هو الحفاظ على كفاءة السوق وعدالة تعاملاته، مشيراً إلى أن “الهيئة العامة للرقابة المالية تتعامل بحزم بالغ مع أي تجاوزات قد تؤثر على ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء”.
مصر ترفض اتهامات التهريب بـ”المسيرات”.. وخبراء: إسرائيل تخلق أزمات وهمية لتمرير أجندتها
