باشر البرلمان الجزائري مناقشة مشروع قانون يهدف إلى تجريم الحقبة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، في خطوة تحمل أبعادا سياسية وتاريخية حساسة، وتأتي في ظل توتر ملحوظ في العلاقات بين الجزائر وباريس، وفق ما أعلنه المجلس الشعبي الوطني.
ووفق المعطيات المتداولة، أحيل مشروع القانون إلى المجلس الشعبي الوطني، الغرفة السفلى في البرلمان، أمس السبت، على أن يعرض للتصويت خلال جلسة مرتقبة هذا الأسبوع.
ويتضمن النص خمسة فصول تضم 27 مادة، تستند، بحسب وسائل إعلام رسمية، إلى مبادئ القانون الدولي وحق الشعوب في الإنصاف، وتهدف إلى إرساء ما تصفه الجزائر بـ“العدالة التاريخية”.
وتشير المسودة إلى تحميل الدولة الاستعمارية المسؤولية القانونية والأخلاقية عن الجرائم المرتكبة، بوصف ذلك مدخلا لحماية الذاكرة الوطنية، وتكريس الاعتراف الرسمي بما جرى خلال الحقبة الاستعمارية، بما في ذلك المطالبة بالاعتذار.
وقال رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، خلال تقديم المشروع، إن المبادرة تتجاوز كونها إجراء تشريعيا تقنيا، معتبرا إياها “موقفا سياديا وأخلاقيا” يعكس تمسك الجزائر بحقوقها التاريخية وتضحيات شعبها.
وأضاف أن الاستعمار الفرنسي لم يكن مجرد سيطرة سياسية أو نهب للثروات، بل ارتكز، بحسب تعبيره، على سياسات ممنهجة هدفت إلى إفقار المجتمع الجزائري، وتجويعه، وإقصائه، في محاولة لكسر إرادته وطمس هويته الوطنية.
وحتى الآن، لم يصدر رد رسمي من الحكومة الفرنسية على مشروع القانون، غير أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد في مناسبات سابقة رفضه تقديم اعتذار رسمي عن الاستعمار، مكتفيًا بالدعوة إلى العمل على ملف الذاكرة والمصالحة التاريخية.
وفي تصريحات سابقة أدلى بها عام 2023، قال ماكرون إن الاعتذار “ليس من اختصاصه”، معتبرا أن مقاربة الماضي لا ينبغي أن تنتهي باعتذار شكلي، بل بحوار تاريخي معمق لا يفضي بالضرورة إلى طي جميع الخلافات.
وخضعت الجزائر للاحتلال الفرنسي منذ عام 1830 حتى اندلاع حرب التحرير عام 1954، التي انتهت بالاستقلال عام 1962 بعد واحدة من أكثر حروب إنهاء الاستعمار دموية في القرن العشرين.
وتتهم الجزائر القوات الفرنسية بارتكاب جرائم حرب واسعة، شملت التعذيب المنهجي والإعدامات الميدانية والتدمير الواسع للقرى، ما أدى إلى نزوح قسري لنحو مليوني شخص.
وفي عام 2018، أقرت فرنسا بمسؤوليتها عن استخدام التعذيب بشكل ممنهج خلال حرب الاستقلال، دون أن يصل ذلك إلى مستوى الاعتذار الرسمي.
وتأتي مناقشة مشروع القانون في سياق علاقات معقدة بين البلدين، تتأثر بملفات الهجرة والذاكرة الاستعمارية، إضافة إلى الخلافات السياسية، ولا سيما الموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية، بعد دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو ما ترفضه الجزائر التي تدعم حق تقرير المصير وتساند جبهة البوليساريو.
فضيحة تصدم الجزائر.. فنانون يكشفون أسرار برامج الكاميرا الخفية
