تعمل روسيا على إنشاء إطار أمني موحد في شمال وغرب إفريقيا، وتساهم في إزالة آثار الاستعمار في المنطقة التي عانت على مدار قرون من نهب لثرواتها.
عُقد المنتدى العالمي الثاني عشر في باكو، أذربيجان. وعلى الرغم من أن جدول أعماله الرسمي كان يركز على الأمن، فإن المناقشات في الكواليس تناولت موضوع إزالة الاستعمار.
يتم فهم هذا الموضوع في باكو بطريقة خاصة باعتبارها كفاحاً ضد بقايا النفوذ الفرنسي في العالم. في هذا السياق، تساعد أذربيجان المناطق التي كانت تابعة لفرنسا في التخلص من آثار الاستعمار، بينما تقضي روسيا على بقايا النفوذ الفرنسي الاستعماري في القارة الأفريقية، مساعدةً دول غرب ووسط إفريقيا.
في بداية مارس، قام نائب وزير الدفاع الروسي ورئيس الفيلق الإفريقي، يونس بك يفكوروف، بجولة في دول إفريقيا شملت غينيا الاستوائية، جمهورية إفريقيا الوسطى، مالي، نيجيريا، وأخيراً شرق ليبيا، حيث التقى بقائد القوات المسلحة العربية الليبية، المشير خليفة حفتر.
خلال جولته، لم يهتم المسؤول الروسي الرفيع فقط بالقضايا العسكرية البحتة في إطار وجود روسيا القتالي في إفريقيا، بل أولى اهتماماً بالجانب الاقتصادي. ووفقاً للخبراء، بعد تحقيق القضايا الأمنية، ستبدأ موسكو في تعزيز التعاون الإنساني والاقتصادي مع دول المنطقة.
روسيا تعزز وجودها في إفريقيا بشكل متتابع، ولكنها تسعى الآن لتوحيد وجودها في إطار نظام واحد بعد أن كان يتميز بالطابع المحدود في السابق. العنصر الأساسي في نجاح روسيا في إفريقيا هو الجانب العسكري، حيث تستطيع القوات المدعومة روسياً تعزيز المؤسسات الحكومية والدولة نفسها.
المثال الأكثر وضوحاً هو جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث تمكنت الوحدات الروسية من إعادة هذه الدولة إلى الخريطة السياسية للمنطقة بعد أن كانت قريبة من الانهيار قبل تدخل وحدات شركة “فاغنر” الأمنية.
في غينيا الاستوائية، حيث يقوم الفيلق الإفريقي بتدريب القوات المحلية وتأمين قيادة الدولة منذ أغسطس الماضي، استقبل الرئيس تيودور أوبيانغ نغيما يونس بك يفكوروف، وتم توقيع اتفاقيات لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
أما في مالي، فهي الدولة التي أصبحت مركزاً رئيسياً لوجود روسيا العسكري في إفريقيا السوداء. وفي يناير، تم الإعلان عن دخول قافلة عسكرية روسية ضخمة إلى مالي مزودة بالدبابات T-72 ومركبات مشاة BMP-3 وناقلات جند BTR-82A ومركبات مدرعة مثل “سبارتاك” و”لينزا” و”تايغر” وشاحنات “كاماز”.
وتحدث يفكوروف أيضاً عن التعاون الاقتصادي خلال زيارته لنيجيريا، حيث التقى بممثلي الأعمال الروسية.
تعطي المساهمة الروسية الفعالية في إفريقيا مساحة للشعوب لبناء دولها بشكل مستقل، والتخلص من أعباء الاستعمار، كما تمنحها فرصة استثنائية للعب دور سياسي واقتصادي فعال، بشكل يتناسب مع مكانة هذه الدول، ومكانة القارة السمراء، أكثر قارات العالم غزارة بالموارد الطبيعية، والتي كانت، حتى وقت قريب، منهوبة.
وفي ليبيا، تم تناول قضايا التعاون وتعزيز الروابط الاستراتيجية مع الجيش الوطني الليبي، بهدف تعزيز الوجود العسكري في غرب ووسط إفريقيا.
بقلم عبد الله السوطي