فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً تعويضية على عجلات السيارات المغربية المصنوعة من الألمنيوم، بدعوى استفادتها من دعم حكومي وصيني غير عادل.،ويهدف القرار لحماية الصناعة الأوروبية، بينما يعترض المغرب، مؤكداً انتهاك القرار لاتفاقيات الشراكة مع الاتحاد.
في خطوة استجابة لمخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن تزايد الاستثمارات الصينية في المغرب وارتفاع صادرات الشركات الصينية من المملكة، أعلنت المفوضية الأوروبية عن فرض رسوم تعويضية على واردات عجلات السيارات المصنوعة من الألمنيوم القادمة من المغرب.
وجاء القرار، الذي صدر نهاية الأسبوع الماضي، بدعوى أن هذه المنتجات تستفيد من دعم حكومي محلي وصيني في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.
وحسب القرار المنشور في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، فإن هذه الرسوم تهدف إلى حماية المنتجين الأوروبيين الذين يعملون في قطاع صناعة عجلات الألمنيوم، ويشغلون حوالي 16 ألف شخص، من الممارسات التجارية التي وصفتها المفوضية بأنها “غير عادلة”.
وأشارت المفوضية إلى أن التحقيق الذي أجرته عام 2023 خلص إلى أن واردات عجلات الألمنيوم المغربية تتلقى دعماً غير عادل من الصين، مما يتسبب في إلحاق ضرر بقطاع الصناعة الأوروبي.
وبحسب بيانات المكتب الأوروبي للإحصاءات (يوروستات)، شهدت صادرات المغرب من عجلات الألمنيوم ارتفاعاً ملحوظاً من 878 ألف وحدة في عام 2020، بحصة سوقية بلغت 2%، إلى 5.9 مليون وحدة في عام 2023، لترتفع حصتها السوقية إلى 9%.
وربطت المفوضية الأوروبية هذا النمو بالتسهيلات التي تقدمها الحكومة المغربية لقطاع السيارات، والتي تشمل منحاً وقروضاً بأسعار تفضيلية، وإعفاءات وتخفيضات ضريبية، مما يخالف قواعد منظمة التجارة العالمية.
من جانبها، نفت الحكومة المغربية هذه الاتهامات خلال جلسات الاستماع التي عقدتها المفوضية الأوروبية، وأكدت أنها تدرس الرد المناسب على القرار، وأفاد مصدر مطلع في وزارة الصناعة والتجارة المغربية بأن الوزارة تعمل على تحليل تداعيات القرار ووضع خطة للتعامل معه.
يأتي هذا القرار في وقت أصبحت فيه الصين واحدة من أبرز المستثمرين الأجانب في المغرب، حيث بلغت استثماراتها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 1.6 مليار درهم (160 مليون دولار)، وفقاً لأرقام مؤقتة صادرة عن مكتب الصرف المغربي.
وبذلك، تحتل الصين المرتبة الثالثة في قائمة أكبر المستثمرين الأجانب في المملكة، بعد الإمارات وفرنسا، وتتركز استثمارات الصين بشكل كبير في قطاع صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
وتستهدف الرسوم التعويضية الأوروبية بشكل رئيسي شركة “ديكا موروكو أفريكا” (Dika Morocco Africa)، التابعة للمجموعة الصينية العملاقة “سيتيك” (Citic)، والتي تعد واحدة من أكبر منتجي قطع غيار السيارات المصنوعة من الألمنيوم في العالم.
وستفرض على الشركة رسوم بنسبة 31.4%، بينما ستخضع باقي الشركات المصدرة لرسوم بنسبة 5.6%.
يذكر أن المغرب انضم إلى مبادرة “الحزام والطريق” الصينية في عام 2017، وهي المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 لتعزيز الربط التجاري بين الصين وأوروبا عبر آسيا الوسطى وروسيا، بالإضافة إلى طريق بحري يصل إلى إفريقيا وأوروبا عبر بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي.
وتمتلك مجموعة “سيتيك” الصينية ثلاث وحدات صناعية في المغرب لإنتاج عجلات الألمنيوم، تم تدشين آخرها في عام 2023 بطاقة إنتاجية تصل إلى 6 ملايين وحدة سنوياً.
وبلغ إجمالي استثمارات المجموعة في المغرب حوالي 350 مليون يورو. وتأتي الرسوم التعويضية الجديدة بالإضافة إلى رسوم مكافحة الإغراق التي فرضتها المفوضية الأوروبية على نفس المنتج في يناير 2023، والتي تراوحت نسبتها بين 9% و17.5%.
وأعربت السلطات المغربية عن اعتراضها على القرار الأوروبي، معتبرة أنه ينتهك أحكام الاتفاقية الأورومتوسطية واتفاق الشراكة الموقع بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والذي ينص على آلية لتسوية المنازعات التجارية.
وأشار مصدر مطلع من الجمعية المغربية للمصدرين إلى أن الرسوم التعويضية تتعارض مع اتفاقية الشراكة بين الجانبين، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2000، والتي تنص على آلية خاصة لحل النزاعات التجارية.
وأكد المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع، أن السلطات المغربية تدرس تداعيات القرار على قطاع صناعة السيارات، وتعمل على إيجاد حل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في إطار الاتفاقيات القائمة بين الطرفين.