22 ديسمبر 2024

يتجدد النقاش سنوياً في المغرب بشأن حجم الإنفاق الحكومي على الأضرحة والزوايا، خاصة مع صدور تقارير حقوقية تنتقد هذه السياسة بوصفها تكرس ما يعتبره البعض مظاهر خرافية على حساب أولويات تنموية وتعليمية.

وجاء تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ليبرز هذه القضية، مشيراً إلى أن المغرب ينفق ما يقرب من 14.6 مليون دولار سنوياً على أكثر من 5000 ضريح و1500 زاوية.

وأثار التقرير مقارنة بين هذا الإنفاق ودعم قطاع المكتبات العامة، حيث توجد 600 مكتبة فقط في البلاد، نصفها مغلق، بمعدل مكتبة واحدة لكل 100 ألف نسمة.

واعتبرت الجمعية أن هذه الأضرحة والمواسم المرتبطة بها تشجع على نشر “الفكر الخرافي”، وترتبط بسياسة تهدف إلى “ترسيخ الولاءات الشخصية بدلاً من بناء مجتمع حديث”، كما دعت إلى توجيه هذه الأموال نحو التعليم والثقافة والبنية التحتية.

ورأى عبد الإله بنعبد السلام، المنسق العام للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، أن الإنفاق المخصص للزوايا والأضرحة يهدف إلى استقطاب دعم شعبي للسياسات العامة، مؤكداً أن هذه المؤسسات لا تسهم في التنمية بشكل ملموس، بل تكريس “الشعوذة”.

وعلى الجانب الآخر، يرى مؤيدو هذه السياسة، مثل الباحث السياسي محمد شقير، أن الأضرحة والزوايا تلعب دوراً هاماً في السياسة الدينية للمغرب، حيث ترتبط بشرعية النظام الملكي بصفته “أمير المؤمنين”.

واعتبر أن دعم هذه المؤسسات ليس مجرد دعم ديني، بل هو جزء من استراتيجية لتعزيز الثوابت الدينية والثقافية، إلى جانب تحريك الاقتصاد المحلي من خلال الأنشطة الموسمية المرتبطة بها.

وأشار الباحث منتصر حمادة إلى أن الزوايا لا تعتمد فقط على الدعم الحكومي، بل على مساهمات المحسنين والمجتمع، كما أنها تلعب دوراً في تعزيز الأمن الروحي وصيانة التراث الديني المغربي.

وأوضح أن انتقادات الإنفاق على الزوايا تأتي غالباً من مرجعيات يسارية أو إسلامية حركية ذات مواقف مسبقة من التصوف والزوايا.

وأبرز حمادة أن التصوف، الذي تمثله الزوايا، ليس مجرد مكون ديني بل ركيزة للعلاقات التاريخية بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء، ما يعزز قوة المغرب الناعمة ودوره الإقليمي.

وأوضح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق أن هذا الإنفاق يدخل في إطار تأهيل المؤسسات الدينية، لافتاً إلى أن بعض هذه المباني الدينية تعرضت لأضرار بسبب زلزال الحوز الأخير، مما يستدعي إصلاحها وترميمها.

وتستمر الحكومة المغربية في تخصيص ميزانيات سنوية لتأهيل الأضرحة والزوايا، حيث يُتوقع أن تبلغ 31.5 مليون دولار في عام 2025، تشمل إصلاح وترميم عدد كبير من المساجد والزوايا.

وبينما يرى المعارضون أن دعم الأضرحة والزوايا يمثل هدرا للموارد، في حين يدافع المؤيدون عن دورها الثقافي والروحي والاقتصادي، معتبرين أنها جزء من الهوية المغربية.

ويبقى النقاش مفتوحاً حول كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على الموروث الثقافي والديني وبين الاستجابة لأولويات التنمية الحديثة.

المغرب يحقق فوزه الثاني في تصفيات مونديال 2026

اقرأ المزيد