في ظل أحد أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، ووصفتها بأنها الأخطر بالنسبة للمدنيين منذ عقود.
وأوضحت المفوضية أن أكثر من 3 ملايين شخص أجبروا على الفرار من ديارهم بحثا عن الأمان في البلدان المجاورة منذ اندلاع الحرب، ولا يزال النزوح مستمر، ووصل إلى مستويات غير مسبوقة منذ بداية الأزمة.
وفي شهر أكتوبر الماضي، وصل حوالي 60 ألف سوداني إلى تشاد هربا من تصاعد القتال في دارفور وانحسار مياه الفيضانات، كما أوضح تقرير المفوضية أن 71% من اللاجئين الذين وصلوا إلى تشاد نجوا من انتهاكات حقوق الإنسان في السودان أثناء فرارهم.
وروى الناجون الذين وصلوا إلى تشاد عن فظائع مرعبة، تشمل إرهاب المدنيين، ونهب المنازل، وقتل الأشخاص والحيوانات، وأُجبر الكثيرون على مشاهدة مقتل أحبائهم، وتم استهدافهم على أساس عرقي، وقُتل الرجال والفتيان وأُحرقت جثثهم، وتعرضت النساء للاغتصاب أثناء فرارهن.
وأكدت المفوضية أن دول المنطقة تبذل قصارى جهدها، لكن الاحتياجات الإنسانية هائلة وتتجاوز قدراتها، خاصة في ظل معاناة شعوبها من احتياجات إنسانية كبيرة مسبقا.
وأصبحت تشاد ملاذا لأكثر من 700 ألف لاجئ سوداني معظمهم من النساء والأطفال، ووفقا للمفوضية فهو أكبر تدفق للاجئين في تاريخ تشاد، ليصل إجمالي عدد اللاجئين السودانيين في البلاد منذ بدابة الحرب إلى أكثر من 1.1 مليون.
وكانت بلدة أدري الحدودية تضم سابقا 40 ألف نسمة، لكنها الآن تستضيف 230 ألف لاجئ سوداني؛ يقضي الكثير منهم شهورا في ظروف قاسية بانتظار نقلهم إلى مناطق أخرى.
ورغم الجهود المبذولة فإن نظام الرعاية الصحية متداع، حيث يوجد طبيب واحد لكل 24 ألف شخص ما يتجاوز بكثير معيار الطوارئ المحدد بطبيب واحد لكل 10 آلاف شخص.
وتُعد مصر أكبر دولة مضيفة للاجئين السودانيين، حيث يقيم فيها 1.2 مليون لاجئ، وفقا لأحدث الأرقام الحكومية.
ووفرت مصر الأمان للفارين، وضمنت إمكانية التحاق الأطفال بالمدارس، ومنحت اللاجئين حق العمل وبدء أعمال تجارية جديدة، مما يتيح لهم المساهمة في المجتمعات المستضيفة.
أما إثيوبيا فتعمل على إنشاء مستوطنات متكاملة بدعم من مانحي التنمية، وتعزز الخدمات الاجتماعية القائمة للاجئين ومضيفيهم، بينما توفر أوغندا للوافدين الجدد الوثائق اللازمة للاستفادة من تعليمهم ومهاراتهم في تعزيز الاقتصادات المحلية، وفي جمهورية إفريقيا الوسطى تم تخصيص أراضٍ صالحة للزراعة للاجئين السودانيين.
وأظهرت المجتمعات المحلية، في ليبيا، بما في ذلك السودانيون المقيمون هناك منذ سنوات، تضامنا ودعما لعشرات الآلاف من اللاجئين.
وبينت المفوضية أن من بين 3 ملايين شخص فروا من العنف في السودان، هناك 650 ألفا من جنوب السودان عادوا إلى بلدهم الذي يعاني من احتياجات إنسانية هائلة.
وأشارت المفوضية إلى أن هذه الأزمة تُعد من أكبر حالات الطوارئ في العالم، لكنها من بين الأقل تغطية إعلامية وتمويلا، وحذرت من أنه بدون دعم مالي كبير من المجتمع الدولي، سيتعرض التماسك الاجتماعي والاستقرار الإقليمي للخطر، وسيواجه الملايين صعوبات جسيمة.
وأوضحت أن خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين السودانيين لم تُموَّل سوى بنسبة 29% من أصل 1.5 مليار دولار مطلوبة.
ليبيا.. “مهرجان درنة الزاهرة” يعود بدورته السادسة