رغم توقف المعارك المسلحة في عدد من ولايات السودان، فإن خطر الموت ما يزال يلاحق المدنيين يوميا، لكن هذه المرة ليس برصاص مباشر، بل بسبب المخلفات الحربية والألغام المنتشرة وسط الأحياء والمدارس والمرافق العامة، التي خلفها القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ومع نهاية العمليات العسكرية في ولايات مثل الخرطوم، والجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض، وأجزاء من نهر النيل وشمال كردفان، بدأ آلاف النازحين يحلمون بالعودة إلى ديارهم، لكن انتشار الذخائر غير المنفجرة نسف هذه الآمال، محولا العودة إلى مخاطرة يومية قد تودي بالحياة.
وفي واحدة من أبشع الحوادث، أدى انفجار قنبلة يدوية داخل مدرسة ابتدائية في ريف مدينة أم روابة، بولاية شمال كردفان، إلى مقتل أربعة تلاميذ وإصابة تسعة آخرين، بعضهم تعرّض لبتر أطراف.
وشهدت مدينة أم روابة مؤخرا انفجارات متفرقة استهدفت أطفالا في الأحياء السكنية، فيما عثر في قرى مجاورة على كميات كبيرة من الذخائر تم نقلها يدويا إلى منازل الشيوخ، في ظل غياب أي تدخل من الجهات المختصة.
وفي مدينة الأبيض، أكدت مصادر حكومية أن 475 جسما حربيا تم العثور عليه في ستة أحياء فقط، خلال الفترة بين فبراير ومايو الماضيين، ما أسفر عن سبع وفيات وعشرات الإصابات.
ورغم خطورة الموقف، لم تشمل جهود الإزالة سوى نطاقات محدودة، ما يزيد من احتمالية تكرار الحوادث في ظل ضعف الإمكانات الرسمية.
وفي سياق متصل، أكد مدير المركز القومي لمكافحة الألغام، اللواء خالد حمدان، تسجيل 40 حادث انفجار خلال الأشهر الماضية، أودى بحياة 66 شخصا بينهم أطفال، وأوضح أن المخلفات منتشرة في كل من الخرطوم، والجزيرة، وسنار، ونهر النيل.
وأشار حمدان إلى أن قوات الدعم السريع والجيش استخدموا المدارس والمستشفيات كثكنات خلال القتال، ما ساهم في انتشار المتفجرات بين المدنيين.
ومن جانبه، حذّر مدير برنامج الدعم القطري لمكافحة الألغام، معتز عبد القيوم، من أن إزالة الألغام في العاصمة وحدها قد تستغرق أكثر من عشر سنوات، موضحا أن الحرب الأخيرة بدّلت خريطة الألغام بالكامل.
وأضاف أن عمليات الإزالة معقّدة ومكلفة، وتتطلب دعمًا دوليًا وشراكات فاعلة لتجنّب مزيد من الخسائر في الأرواح.
ورغم الجهود المتواضعة التي أعلن عنها المركز، مثل إزالة 13 ألف جسم حربي في أم درمان، و7 آلاف في الجزيرة، لا تزال مناطق واسعة في الولايات المتأثرة خارج التغطية، وسط مطالب شعبية بإطلاق حملة وطنية شاملة للتطهير والتوعية.
وسطاء دوليون يدعون أطراف حرب السودان لاغتنام فرصة المفاوضات في جنيف
