05 ديسمبر 2025

كشف تقرير ميداني لمجلة “لابروخولا فيردي” الإسبانية الناطقة بالإنجليزية عن العثور على ميزان روماني محمول يعود عمره لنحو 1700 عام في مدينة لبدة الكبرى، وذلك وفق دراسة تحليلية حديثة أجراها فريق بحثي ليبي مصري.

وأوضحت الدراسة أن التحليلات كشفت تقنيات تصنيع الميزان البرونزي القديم وآثار الزمن عليه بعد بقائه تحت الأرض لقرون، حيث خضع لفحوص دقيقة باستخدام تقنيات حديثة لتحليل المواد ودرجات التدهور.

وتولى الدراسة الأكاديمي المصري محمد عبد البر من جامعة دمياط ونظيره الليبي علي الفتني من جامعة المرقب، ما أتاح فهماً أعمق لدقة التكنولوجيا الرومانية وعمليات التدهور التي تهدد هذه الآثار الهشة.

ويعود اكتشاف الميزان إلى منطقة ريفية تبعد 18 كيلومتراً عن مركز لبدة الكبرى، داخل مقبرة “هنشير لوريبو” العائدة للفترة الممتدة بين القرنين الأول والرابع الميلادي، ما يؤكد الدور الاقتصادي الحيوي للريف الذي كان يغذي المدينة.

ويُعد الميزان من نوع “الياردة” أو الميزان الروماني المحمول، ويتألف من ذراع صلبة بنقطة ارتكاز غير مركزية وثقل موازن منزلق، ما يسمح بقياس دقيق وسهل الحمل، ورغم التآكل، احتفظ الميزان بأجزاء رئيسية مثل الذراع (19.8 سم) والوعاء ونظام السلاسل.

وأظهرت تحاليل الأشعة السينية المحمولة (pXRF) أن الرومان استخدموا سبائك مختلفة لتحسين المتانة؛ فالذراع الرئيسي مصنوع من البرونز بنسبة 3.5% قصدير و 2% رصاص، بينما صينية الوزن مصنوعة من نحاس نقي تقريباً بنسبة 97.3%.

وأشار التقرير إلى أن أكثر عناصر الميزان تطوراً هي سلاسل التعليق المصنوعة من شرائط نحاسية ملتفة حول لب عضوي، ما يمثل شكلاً مبكراً من المواد المركبة يجمع بين المتانة والمرونة.

وأظهرت التحاليل أيضاً وجود مركبات تآكل مثل “الأتاكاميت” و”الملاكيت” و”أكسيد النحاس”، ما يشير إلى إصابة الميزان بـ”مرض البرونز”، الأمر الذي يتطلب تدخلات عاجلة لمعالجة التدهور وإزالة الأملاح.

كما تعرض الجزء الخشبي المتبقي لتدهور شديد نتيجة تفاعل أليافه مع أيونات النحاس المنطلقة أثناء التآكل، ما أدى إلى تفكك السليلوز وارتفاع المسامية.

وأكد الباحثون أن الميزان يمثل دليلاً حياً على التطور الصناعي الروماني والأهمية الاقتصادية لمدن شمال إفريقيا القديمة، وأنه رغم التدهور، حافظ على هيكلية كافية لإجراء تحليلات وظيفية، ما يوفر رؤى مهمة حول أدوات التجارة وطرق الوزن الرومانية.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن مثل هذه الاكتشافات تشكل شهادة حية على الحياة اليومية والاقتصاد في واحدة من أبرز حضارات التاريخ، وأن الحفاظ عليها يتطلب جهود ترميم مستمرة لفك رموز رسائلها عبر الزمن.

اتفاق أمني يعيد ترتيب النفوذ في طرابلس بين حكومة الدبيبة و”الردع”

اقرأ المزيد