05 ديسمبر 2025

يعاني موظفون ليبيون من اقتطاع كبير في رواتبهم بسبب عمولات السحب غير القانونية التي تفرضها البنوك ومكاتب الصرافة، متجاوزة تعليمات المصرف المركزي، ويعترف البرلمان الليبي بالأزمة ويعد بحلول بينما يحذر خبراء من تحول المكاتب إلى سوق سوداء تستنزف دخل المواطنين.

في ظل أزمة سيولة مستمرة، يواجه آلاف الموظفين الليبيين معاناة شهرية متكررة لاستلام رواتبهم كاملة، حيث تلتهمها عمولات سحب مرتفعة ومتفاوتة تفرضها البنوك ومكاتب الصرافة، في انتهاك للتعليمات الرسمية وتحذيرات من تحول الظاهرة إلى “اقتطاع مقنن” من دخول المواطنين.**

يحصل الموظف لؤي محمد (35 عاماً) على راتبه في حساب مصرفي، لكنه لا يستطيع سحبه إلا على دفعات متعددة مقابل عمولات مجتمعة، أو اللجوء إلى مكاتب الصرافة بعمولة مكلفة، ليجد نفسه في النهاية يحصل على أقل من 80% من راتبه الشهري، وتشكل شهادته نموذجاً لمعاناة متصاعدة يعيشها قطاع واسع من الليبيين.

وعلى الرغم من تعليمات مصرف ليبيا المركزي التي حددت عمولة السحب النقدي عبر أجهزة الصراف الآلي بـ 0.5 دينار عن كل 100 دينار، إلا أن الواقع يكشف مخالفات واسعة.

حيث أفادت موظفون، مثل مها من بنغازي، بأن بعض المصارف تفرض رسوماً تصل إلى 10 دنانير عن كل عملية سحب، مما يفقد المواطن عشرات الدنانير شهرياً مقابل خدمة كانت مجانية في السابق.

وأقرت “لجنة المالية والتخطيط” في البرلمان الليبي بوجود “معاناة حقيقية يعيشها المواطنون بسبب هذه الخصومات والعمولات”، على لسان نائب رئيسها المهدي الأعور، الذي أعلن عن عزم اللجنة عقد اجتماع مع المصرف المركزي وإدارات البنوك لوضع حلول لتخفيف الأعباء.

من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي علي الصلح أن بعض المصارف تستغل العمولات لزيادة أرباحها على حساب المواطنين، مشيراً إلى أن نسبة التعامل النقدي إلى الإيداعات ارتفعت إلى نحو 48 درهماً لكل دينار، وهو ما يعكس في رأيه “أزمة ثقة حقيقية بالجهاز المصرفي”.

ولم تتوقف المعاناة عند حدود البنوك، فنقص السيولة دفع الكثيرين إلى مكاتب الصرافة التي توفر النقد مقابل اقتطاع صارخ يتراوح بين 15 و25% من قيمة الراتب.

ووصف الإعلامي خليل الحاسي هذه الممارسات بـ “الاستسلام لعصابات مالية تستحوذ على ربع رواتب الليبيين كل شهر”.

وحذر الخبراء من تحول كثير من مكاتب الصرافة المرخصة والبالغ عددها 187 مكتباً إلى قطاع موازٍ أشبه بالسوق السوداء، يعمل خارج الإطار المصرفي الرسمي ويحقق أرباحاً طائلة.

وتأتي هذه المعاناة في وقت تستحوذ فيه المرتبات على نحو 60% من إجمالي النفقات العامة للدولة، مسجلة 51 مليار دينار منذ بداية العام، وهي أرقام لا يشعر المواطن العادي بانعكاسها على حياته اليومية، بينما يستمر راتبه في التآكل أمام عمولات السحب المجحفة.

مجموعة “أ3+” تطالب بتعويض ليبيا عن سوء إدارة أصولها المجمدة

اقرأ المزيد