05 ديسمبر 2025

في خطوة وُصفت بأنها تاريخية، وقّعت إثيوبيا وكينيا اتفاقاً دفاعياً جديداً من شأنه إعادة تشكيل موازين القوى في منطقة القرن الإفريقي، بعد عقود من التنافس الإقليمي.

وجاء الإعلان عن الاتفاق في 24 سبتمبر الماضي خلال مراسم رسمية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ليحل محل اتفاق عسكري سابق يعود إلى عام 1963.
وبحسب تقرير نشره موقع “أفريكا ريبورت”، فإن الاتفاق يشمل مجالات متعددة، أبرزها تبادل المعلومات الاستخبارية، التدريب العسكري، التصنيع الدفاعي، مكافحة الإرهاب، وحماية الحدود، ما يعكس تحولاً نوعياً في العلاقات بين البلدين.
ولطالما مثلت إثيوبيا وكينيا قطبين متناقضين في شرق إفريقيا، فإثيوبيا، ذات التوجه الماركسي سابقاً، ترتبط بعلاقات وثيقة مع الصين وتملك جيشاً قوياً منخرطاً في ملفات إقليمية حساسة، بينما تتمتع كينيا باقتصاد رأسمالي منفتح على الغرب، وجيش أقل وزناً لكنه يحظى بدعم سياسي من واشنطن التي صنفتها “حليفاً رئيسياً من خارج الناتو”.
أعادت التحولات السياسية الأخيرة أعادت رسم المشهد، فمنذ تولي آبي أحمد رئاسة الوزراء في إثيوبيا عام 2018، بدأت البلاد في تحرير اقتصادها، رغم أن الحرب الأهلية والتوترات الأمنية أثرت سلباً على مكانتها الدبلوماسية.
وفي المقابل، تبنى الرئيس الكيني وليام روتو سياسة خارجية أكثر جرأة، أرسلت بموجبها نيروبي قوات إلى هاييتي والكونغو الديمقراطية، ما عزز حضورها الإقليمي.
ويرى محللون أن أحد أبرز دوافع الاتفاق هو التصدي المشترك لتهديد الإرهاب، خاصة مع تصاعد هجمات حركة الشباب في الصومال، وقد نفذت الدولتان بالفعل عمليات استخبارية مشتركة ضد متمردي “جيش تحرير أورومو” الذين ينشطون على الحدود، وفقاً لما أورده التقرير.
ويقول ماغنوس تايلور، نائب مدير برنامج القرن الإفريقي في “مجموعة الأزمات الدولية”، إن تراجع التمويل الغربي لبعثات حفظ السلام في الصومال دفع القوى الإقليمية مثل كينيا وإثيوبيا إلى لعب دور أكبر وأكثر استقلالية في مواجهة التحديات الأمنية.
وإلى جانب البعد الأمني، يحمل الاتفاق بعداً إستراتيجياً لإثيوبيا التي تسعى منذ سنوات للوصول إلى منفذ بحري على البحر الأحمر، وهي طموحات تثير قلق جيرانها، خصوصاً إريتريا التي تخشى من نوايا عسكرية إثيوبية.
ويشير التقرير إلى أن تعزيز الشراكة مع كينيا يمنح أديس أبابا فرصة لتقديم نفسها كقوة إقليمية بناءة، في وقت تتشكل فيه تحالفات مضادة ضمت إريتريا والصومال ومصر.
ويأتي هذا التقارب في سياق تنافس جيوسياسي أوسع، إذ وقّعت القاهرة ونيروبي في وقت سابق من العام الجاري 12 اتفاقية تعاون، بينما تسعى أديس أبابا إلى توسيع علاقاتها مع دول إفريقية أخرى، كان آخرها اتفاق أمني أُبرم في يوليو الماضي.
وفي ظل التحديات المتشابكة التي تواجه منطقة القرن الإفريقي، من الإرهاب إلى النزاعات الحدودية، يبدو أن الاتفاق الدفاعي بين إثيوبيا وكينيا يمثل محاولة جادة لإعادة صياغة التوازنات الإقليمية.
ووفقاً لتقرير “أفريكا ريبورت”، فإن نجاح هذه الشراكة سيعتمد على قدرة البلدين في تحويل التعاون العسكري إلى رافعة للاستقرار، لا مجرد اصطفاف مؤقت في سباق النفوذ.
رئيس الوزراء الإثيوبي يستبعد الحرب مع إريتريا

اقرأ المزيد