إضراب متواصل لخمسة أيام يخوضه أطباء شبان في تونس ، احتجاجا على ما وصفوه بتردي أوضاعهم المهنية والمادية، وذلك في تحرك تصعيدي جديد دعت إليه المنظمة التونسية للأطباء الشبان، وسط تحذيرات من أزمة مرتقبة في المستشفيات العمومية بداية من الشهر المقبل.
وانطلق التحرك الاحتجاجي، 12 يونيو ويستمر حتى 18 من الشهر نفسه، يشمل إضرابا عاما ومقاطعة لاختيار مراكز التربصات (التدريب بالمستشفيات) التي عادة ما تحدد بشكل دوري كل ستة أشهر في سياق التكوين التطبيقي للأطباء.
ورغم دعوة وزارة الصحة إلى انتقال الأطباء الشبان إلى المعهد العالي لعلوم التمريض لاختيار مراكز التربص، تمسّك المحتجون بموقفهم، وواصلوا تحصّنهم داخل كليات الطب، معتبرين دعوة الوزارة سابقة خطيرة تهدف إلى كسر المقاطعة.
وفي هذا السياق، أفاد طبيب مقيم في مستشفى شارل نيكول بالعاصمة عاطف الوريمي، إنه يضطر للعمل أكثر من 50 ساعة إضافية أسبوعيا دون تقاضي مستحقاته، مقابل راتب شهري لا يتجاوز 1900 دينار (620 دولارا).
وأضاف الوريمي، أن تكاليف المعيشة المرتفعة دفعته للتفكير في الهجرة، كما فعل العديد من زملائه الذين غادروا إلى وجهات مثل ألمانيا.
ومن جانبه، حذر رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان، وجيه ذكار، من تداعيات خطيرة للإضراب، مشيرا إلى أن نحو 6 آلاف طبيب داخلي ومقيم سيقاطعون اختيار مراكز التربص، ما يعني فراغا حقيقيًا في أقسام حيوية بالمستشفيات بداية من يوليو، قد يؤثر على استمرارية الخدمات الصحية.
وأشار ذكار إلى أن آخر مفاوضات مع الوزارة جرت في 15 مايو دون نتائج ملموسة، حيث اكتفت الوزارة بإبداء “تفهم شكلي” متذرعة بعراقيل مالية وإدارية، ما اعتبره مؤشّرا على غياب الإرادة السياسية لمعالجة الملف.
وأوضح ذكار أن أزمة الأطباء الشبان تعود جذورها إلى ما قبل 2010، وأن استمرار تدهور ظروف التكوين والعمل في المستشفيات العمومية كان سببا في هجرة المئات من الكوادر الطبية، مما يهدد مستقبل قطاع الصحة العمومية في البلاد.
ويقدر عدد الأطباء المشاركين في الإضراب العام بنحو 12 ألف طبيب، يطالبون بتحسين أوضاعهم المهنية، وعلى رأسها صرف مستحقاتهم المالية عن ساعات الاستمرار، ورفع أجورهم التي وصفوها بالمهينة، إذ لا تتجاوز قيمة ساعة العمل الإضافي في بعض الحالات دولارا واحدا.
ورغم اعتراف وزارة الصحة ببعض المطالب، فإنها لم تستجب إلا لنقطة واحدة، تمثلت في رفع أجور الأطباء خلال فترة الخدمة العسكرية من 750 دينارا إلى 2000 دينار (680 دولارا)، وهي خطوة وصفها المحتجون بـ”الجزئية وغير الكافية”.
ويخضع الأطباء في تونس لمسار تكويني طويل يمتد إلى 12 عاما بعد البكالوريا، يبدأ بخمس سنوات دراسية في كليات الطب، تليها سنة تدريب داخلي، ثم مسار تخصصي يمتد من 3 إلى 5 سنوات كأطباء مقيمين في المستشفيات، غالبا في ظروف صعبة، وفي ظل نقص فادح في التجهيزات والدعم المالي.
تهديدات بالاغتيال لناشطين تونسيين داعمين للقضية الفلسطينية
