مصر شهدت خلال الأيام الماضية، أعطال في شبكتي الكهرباء والمياه، ما أثار تساؤلات واسعة حول أسباب تكرار هذه الانقطاعات، والمسؤولية الواقعة على الجهات المعنية في ظل تفاوت فترات استئناف الخدمات.
وفي أبرز هذه الوقائع، سجل مطار القاهرة الدولي، الثلاثاء، انقطاعاً كهربائياً “محدوداً”، وفق بيان رسمي صادر عن وزارة الطيران المدني، التي أوضحت أن الحادث “لحظي ومحدود”، ووقع نتيجة إصلاحات بالخط الاحتياطي المغذي لمركز القاهرة للملاحة الجوية.
وأكدت الوزارة أن المنظومة الكهربائية للمطار ومراكز الخدمات الملاحية “مؤمنة بالكامل” عبر محطات مستقلة مزودة بمولدات كهربائية احتياطية ومصادر بديلة لضمان استمرار التشغيل دون تأثر.
وتأتي هذه التطورات في وقت شهدت فيه محافظة الجيزة انقطاعات طويلة في التيار الكهربائي والمياه، منذ مطلع الأسبوع، نتيجة عطل في محطة محولات جزيرة الدهب، ورغم إعلان المحافظة في بيان رسمي “حل المشكلة بشكل كامل”، أشار العديد من السكان إلى استمرار الأزمة حتى يوم الأربعاء، ما دفعهم للتشكيك في صحة البيانات الرسمية، واتهام السلطات بـ”الفشل في احتواء الأزمة”.
وتداول سكان في مناطق عدة شكاوى من طول فترة الانقطاع، مبدين رفضهم للاعتذار الصادر عن محافظ الجيزة، ومتسائلين عن الطرف المسؤول عن تكرار هذه الأعطال دون حلول ناجعة، خاصة في ظل ما وصفوه بـ”غياب العدالة في التعامل مع المناطق الأقل اهتماماً من قبل الدولة”.
وألقت تقارير صحافية محلية الضوء على السبب الفني لتعطل محطة جزيرة الدهب، مشيرة إلى أن الخط الاحتياطي بالمحطة كان تالفاً منذ أكثر من عام دون صيانة، وهو ما أدى إلى خروج المحطة عن الخدمة فور تعطل الخط الأساسي، نظراً لعدم وجود بديل لتحمل الأحمال، مما تسبب في توقف تشغيل محطات المياه المرتبطة بها.
وبالتزامن مع هذه الأعطال، أعلنت وزارة الكهرباء تسجيل أرقام قياسية في استهلاك الطاقة اليومية، حيث بلغت الأحمال القصوى هذا الأسبوع 39,400 ميغاواط، متجاوزة أعلى معدل تم تسجيله في العام الماضي البالغ 38,000 ميغاواط، وفق بيان رسمي صادر عن الوزارة.
وأثار هذا الوضع انتقادات حادة داخل البرلمان المصري، حيث أكد النائب ضياء الدين داود لـمصدر صحفي، أن ما يجري يعكس “غياب الرقابة والمتابعة بعد تنفيذ المشروعات”، مضيفاً أن “مشكلات البنية التحتية لا تتوقف عند الكهرباء والمياه بل تمتد إلى الطرق أيضاً، التي تحتاج إلى صيانة بعد فترات وجيزة من افتتاحها”، ما يدل – بحسب رأيه – على غياب الحوكمة الرشيدة في تشغيل وإدارة المشروعات التي تم إنشاؤها عبر الاقتراض وفي زمن قياسي.
ومن جانبه، يرى الدكتور عمرو هاشم ربيع، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن جذور الأزمة تعود إلى “غياب فقه الأولويات” في تنفيذ المشروعات الكبرى، مشيراً إلى أن كثيراً من المشروعات، لا سيما في قطاع الكهرباء، لم تخضع لدراسات جدوى كافية، وأن هناك خللاً في ربط المرافق الحديثة بالبنية التحتية القديمة دون تطوير شامل.
وكان وزير الكهرباء المصري، الدكتور محمود عصمت، قد صرح في مايو الماضي بأن الدولة نفذت “إعادة بناء شاملة للبنية التحتية للكهرباء والطاقة”، متعهداً بعدم تكرار الانقطاعات التي اضطرت الحكومة سابقاً إلى اللجوء فيها إلى سياسة تخفيف الأحمال بسبب نقص الوقود المشغل للمحطات.
ولكن المتحدث باسم الوزارة، منصور عبد الغني، أشار في تصريحات تليفزيونية إلى أن دخول أحمال غير متوقعة على الشبكة، نتيجة سرقات الكهرباء، فاقم من الأزمة، موضحاً أن الوزارة حررت خلال العام الماضي 3 ملايين محضر سرقة، بلغت قيمتها نحو 14 مليار جنيه.
وفي المقابل، يرى رئيس حزب المصريين الأحرار، الدكتور عصام خليل، أن التحديثات التي أُجريت على البنية التحتية خلال السنوات الماضية أسهمت في سرعة استعادة الخدمات فور وقوع الأعطال، مؤكداً أن غياب تلك البدائل كان سيؤدي إلى تأخير أكبر في عودة التيار والمياه.
ودعا خليل إلى النظر إلى الأزمة الأخيرة في ضوء الكثافة السكانية المرتفعة في العاصمة المصرية، مؤكداً أن إعادة تشغيل الخدمات تحت هذا الضغط الكثيف يعد “جهداً لا يمكن تجاهله”، وإن كان لا يلغي أهمية التساؤل عن الضمانات لمنع تكرار الأزمة مستقبلاً، وضرورة وجود حلول جذرية ومستدامة تواكب معدلات الاستهلاك المتزايدة.
إقبال هائل على الأهرامات بعد نفاد تذاكر المتحف المصري الكبير
