26 أبريل 2025

تتعرض المناطق الجنوبية في ليبيا لغزو مكثف من أسراب الجراد الصحراوي، مما يهدد المحاصيل والغطاء النباتي، وتواجه السلطات تحديات كبيرة في مكافحة هذه الآفة وسط ضعف الإمكانيات، بينما تحذر “الفاو” من تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي.

تشهد المناطق الجنوبية في ليبيا موجة غزو مكثفة لأسراب الجراد الصحراوي، مما يهدد المحاصيل الزراعية والغطاء النباتي في الواحات، ويُثير مخاوف من تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي في البلاد.

وقد بدأت أسراب ضخمة من هذه الحشرات المدمرة في اجتياح المزارع والواحات، خاصة في منطقتي تراغن ومرزق، حيث يعاني المزارعون من تبعات هذا الغزو الذي يضرب محاصيلهم ويزيد من معاناتهم في ظل محدودية الإمكانيات المتاحة لمواجهته.

وأفاد مزارعون محليون بأن الأسراب بدأت تترك بيوضاً تهدد بموسم زراعي كارثي، حيث أكد المزارع محمد أرحم جده أن “الوضع أصبح أكثر خطورة بعد تفقيس بيوض الجراد، التي تشكل خطراً أكبر من الأسراب نفسها”.

وتعمل فرق المكافحة المحلية على تنفيذ عمليات رش مكثفة، لكنها تبقى غير كافية في ظل ضعف الإمكانيات واتساع رقعة انتشار الآفة.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) قد حذرت مطلع العام الجاري من مخاطر تفشي الجراد الصحراوي في ليبيا، مشيرة إلى أن سرباً واحداً من هذه الحشرات بمساحة كيلومتر مربع قد يضم ما يصل إلى 80 مليون حشرة، قادرة على استهلاك كمية من الغذاء تعادل ما يحتاجه 35 ألف شخص في يوم واحد.

ورداً على هذه الأزمة، أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة توجيهات عاجلة لوزارة الزراعة بضرورة تكثيف الجهود لمكافحة الآفة، كما أطلقت السلطات حملة وطنية لمتابعة تحركات الجراد ومراقبة تطور أطواره.

وأكد المهدي محمد التارغي، المتحدث الرسمي للحملة الوطنية لمكافحة الجراد، أن الفرق الميدانية تعمل على تتبع اليرقات في المناطق الزراعية المتضررة، في محاولة للحد من انتشارها قبل أن تتحول إلى أسراب جديدة.

وتكتسب هذه الأزمة أبعاداً اقتصادية وبيئية خطيرة، حيث يعتمد آلاف العائلات الليبية على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، كما أن القطاع الزراعي يلعب دوراً محورياً في تأمين الغذاء المحلي.

ولا يقتصر خطر الجراد على تدمير المحاصيل فحسب، بل يمتد ليهدد التنوع البيولوجي في المناطق المتضررة، مما قد يؤدي إلى اختفاء أنواع نباتية مهمة في النظام البيئي.

ولا تقتصر المشكلة على ليبيا وحدها، إذ تشكل دول الجوار في شمال إفريقيا، خاصة الجزائر وتونس والمغرب، مناطق عرضة لغزو هذه الآفة التي تتحرك وفقاً للظروف المناخية واتجاهات الرياح.

وتواجه الجزائر، على سبيل المثال، صعوبات كبيرة في مراقبة تحركات الجراد في مناطقها الجنوبية الواسعة، بينما تبقى تونس والمغرب تحت تهديد الأسراب القادمة من دول الساحل والصحراء.

ويحذر خبراء الزراعة من تفاقم الأزمة في حال لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة على المستويين الوطني والإقليمي، داعين إلى تعزيز أنظمة الإنذار المبكر وتوفير الدعم اللازم للمزارعين، فضلاً عن تعاون دولي لاحتواء هذه الآفة التي لا تعترف بالحدود.

وتذكر التقارير أن ليبيا شهدت غزواً مماثلاً للجراد الصحراوي عام 2012، تسبب آنذاك في أضرار جسيمة بالقطاع الزراعي، مما يستدعي تحركاً سريعاً لمنع تكرار السيناريو الكارثي نفسه.

اقرأ المزيد